للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا البيع لحق المخلوقين وهم الغرماء فإن سقطت حقوقهم فقد ارتفعت العلة

الموجبة لفسخ البيع، فيرتفع الحكم الذي هو الفسخ بارتفاعها وهكذا النهي الواقع لحق المخلوقين ألا ترى أن النبي عليه السلام نهى عن التصرية لأجل التدليس على المشتري، فإذا اطلع المشتري على هذا العيب ورضي به لم يجب فسخ البيع لزوال حق المخلوق الذي هو علة. النهي.

وروى أشهب عن مالك في ورثة عزلوا من التركة أضعاف الدين، وباعوا ليرثوا: إن البيع يفسخ ولو قضيت الديون. فكأنه على هذه الرواية قدر أن هذا البيع سلم من الغرر والتحريم في ثمنه ومثمونه، فتعلق به حق الله سبحانه ففسخ. وإن سقط حق المخلوق فيه، كبيع عند صلاة الجمعة، وبيع التفرقة بين الأم وولدها.

فإن قلنا بارتفاع الفسخ عند ارتفاع الديون ففي الموازية أن المشترين لهذه السلع إذا دفعوا قيمة ما فما أو نقص عندهم يوم قبضوه لم يكن للغرماء فسخ البيع. وهذا لأجل أن الغرماء لم يملكوا أعيان سلع الميت وإنما ملكوا مقدار هذا (١) كان كمقدار ديونهم. ألا ترى أن الورثة لو قضوا ديونهم لم يكن للغرماء أخذ شيء من السلع التي تركها الميت، فكذلك المشترون إذا دفعوا قيمة ما قبضوه فكأنه هو الذي استحقه الغرماء في تركة الميت فأشبه ذلك قضاء الديون.

وترجح بعض الأشياخ في هذا الذي قلنا أن للغرماء نقض البيع فيه لو كانت أمة باعها الورثة، على الصفة التي ذكرنا من كونهم تعدوا في البيع، فأعتقها المشتري أو اتخذها أم ولد، وهو لم يعلم، فقام الغرماء طالبين لديونهم هل من حقهم أن يردوا عتق هذ واستيلاده لكون البائع كأنه باع سلعة غيره، أو يمضي ذلك لكون الغرماء ها هنا لم يستحقوا عين هذا المبيع وإنما استحقوا مقداره، ولو دفع إليهم هذا المعتِق أو المستولد قيمة الأم لم يكن لهم انتزاعها من يده، على ما ذكرناه في الموازية.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مقدارها إذا ...

<<  <  ج: ص:  >  >>