للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فروعه، ولكنا قدمنا العذر عن سبب الاخلال بالرتبة الواجبة عندنا في حكم التأليف، وأنا قد توخينا ترتيب المدونة. وقد تقدم كلامنا في كتاب التفليس على إقرار المريض بدين لوارث أو لأجنبي وصديق ملاطف. وذكر في المدونة في كتاب المديان حكم إقرار المريض بدين لأجنبي أو لوارث.

فأما إقرار حكم المفلس الصحيح بعد الحجر فقد تقدم بيانه في كتاب التفليس. وكذلك إقراره بعد الحجر وقد تبين فلسه وأقرّ لمن لا يتهم أولمن يتهم في إقراره وذكرنا الخلاف في ذلك في المذهب. وكذلك ذكرنا قضاءه لبعض غرمائه دون بعض وقد أحاط الدين بماله.

وأمّا المريض فإنه إذا قضى دينًا لبعض غرمائه ثم مات من مرضه، فالمنصوص في المذهب أن ذلك لا ينفذ لأن قضاءه حينئذ يحمل على التوبيخ (١) لمن قضاه دينه وإيثاره على من سواه من الغرماء. بخلاف قضاء من تبين فلسه فإنه يمضي على أحد القولين لأجل أن ذمته باقية يطلبها من لم يقض دينه من الغرماء ويضايقونه في طلب حقوقهم ولا يقصد التوبيخ (١) والإيثار إلا مع إضرار نفسه بطلب من لم يقض حقه من غرمائه.

وأمّا المريض فإنه إذا قضى بعض كرمائه ثم مات ارتفع عنه بموته ضرر طلبهم فتقوم التهمة بقصده إيثار قوم من غير ضرر يلحقه من قوم آخرين. لكن ذكر سحنون في المدونة عقيب قوله: إن قضاء المريض لا يجوز، أن غيره قال: المريض لم يحجر عليه في بيعه وشرائه أو إقراره.

فحمل هذا القول بعض الأشياخ على أن ظاهره يقتضي جواز قضائه لبعض غرمائه. وإنما أورد هذا القول استدلالًا بجواز معاملته وإقراره على جواز قضائه، فيكون على هذا في المدونة قولان في قضاء المريض الذي أحاط الدين بماله أيضًا.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: التوليج.

<<  <  ج: ص:  >  >>