للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإلى إمضاء قضاء دينه ذهب سحنون.

وأما لو كان عنده ما يوفي سائر الديون التي عليه (وليس بتصريح في إجازة القضاء لبعض الغرماء دون بعض) (١). ويمكن أن يكون أراد التنييه على مذهب المخالف الذي يمنع إقرار المريض وعليه ديون استدانها في الصحة شهد بها عليه بينة. فإن هذه المسألة مما اختلف فيها فقهاء الأمصار:

فمذهب مالك والشافعي أنه إذا أقر بدين في مرضه لأجنبي ليس بصديق ملاطف ولا تتطرق إليه تهمة في إقراره له فإنه يحاصّ الغرماء الذين داينوه في الصحة ولهم بديونهم بينة.

ومنع ذلك أبو حنيفة ورأى أن الديون الثابتة عليه في الصحة ببينة مقدمة على حق هذا الذي أقر له كما لو أقر بعد الحجر والتفليس بدين لم يحاص هذا المقر له الغرماء الذين حجروا عليه بسببهم (٢)، بهذا الدين الذي أقر به بعد الحجر. لكنه يبقى للمقر له ذمة المفلس المحجور عليه حتى يكتسب ما يقضيه منه الذي أقر له به. والعلة في ذلك أن حقوق الغرماء المحجَّر على المديان بسبب ديونهم كأنها تعلقت بعين المال الذي حيل بينه وبينه، فليس له أن يتلفه عليهم بالإقرار.

وكذلك إقرار المريض بدين وعليه ديون استدانها في الصحة تشهد بها بينة فإنه أيضًا إنما يكون للمقر له المطالبة فيما يطرأ للميت من مال لا فيما تعلق به حق الغرماء.

ودافعه أصحابنا عن هذا القياس بأنه لو قامت بينة المقر له بعد التحجير بصحة ما أقر (له به الغريم) (٣) لقضي له بذلك وحاصّ به الغرماء الذين وقف


(١) ما بين القوسين، هكذا في النسختين.
(٢) هكذا في النسختين.
(٣) ما بين قوسين في النسختين، ولعل الصواب: به للغريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>