للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يؤدي إلى تغييرها ردّ قوله. وإذا أمضينا إقراره بدين لأحد ورثته فقد صار ذلك تفصيلًا له فيما يأخذه من ميراثه على سائر الورثة، وهو ممنوع من التصريح بالتفضيل فكذلك إذا لم يصرح به، وقال قولًا يؤدي إليه.

وكأن الشافعي رأى أنه لو أقرّ بدين لأجنبي لا يتهم في الإقرار به، ولا دين عليه لأحد، فإن إقراره ماض، وكذلك إذا أقر لأحد ورثته بدين فإنه ماض ولا يتحقق تهمة في هذا الإقرار، فيفارق حكم. الوارث حكم الإقرار للأجنبي ومن هو كالمنصرف عن الدنيا، ومقبل على الآخرة تبعد عنه التهمة، ألا تراه لو استلحق ولدًا لقبل ذلك منه، ولحق به، ولم يتهم على أنه قصد إلى إبطال حق من سواه من الورثة، فكذلك إقراره بالدين.

ونحن نجيب عن هذا بأنه لو صرح بأن قصده أن يفضل وارثًا على وارث لم يتم مراده في ذلك، فكذلك إذا دلت قرائن الأحوال على قصده التفضيل.

وأما استلحاق الولد فأحد القولين عندنا أنه يعتبر فيه التهمة. وعلى القول (١) الإعراض عن الالتفات إليها، فإن التهمة في استلحاق الإنسان تبعد ممن هو سائر إلى الآخرة عن قرب. فكذلك لا يبعد أن يفترق مع قوة التهمة من قصد التفضيل وتبعد التهمة في استلحاق نسب ليس هو منه.

فإذا تقرر منشأ الخلاف، فاعلم أن المسطور في الروايات في هذه المسألة فيه اضطراب ولكن إنما يقع الاضطراب فيما التهمة فيه، وينبغي أن يعرض ما وقع في هذه المسألة من وقائع عند أصحابنا واختلاف على الالتفات إلى شهادة العوائد بالتهمة وحصولها في الإقرار، وشهادة العوائد في ارتفاعها. ومهما اضطربت العوائد وأشكل أمرها فإلى هذا يصرف منشأ الخلاف. فكأن من أمضى الإقرار اعتقد ارتفاع التهمة، ومن أصرفها (٢) اعتقد حصولها ووقوعها، فيفتقر


(١) لعل هناك سقطًا، ولعله [الآخر].
(٢) هكذا في النسختين، ولعلها: أقرّها.

<<  <  ج: ص:  >  >>