للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حينئذ إلى النظر هل الأصل إمضاء الإقرار حتى يثبت ما يدفعه من التهمة، أو الأصل ردّه كما قال أبو حنيفة حتى يثبت ما يمضيه؟

وقد وقع في المدونة في هذا ما يوهم في هذا النوع تنافرًا. فقال في إقرار الرجل في مرضه بدين لزوجته وله ولد: إن إقراره لها نافذ إلا أن يعرف بالميل إليها، وإبعاد لولده، فيردّ إقراره. وهذا لأن في طباع البشر ومقتضى الجبلات الميل إلى الأبناء أكثر من الميل إلى الزوجات. فاستدل بالعوائد ها هنا على إمضاء الإقرار إلا أن يثبت الحال ما يناقض هذا الاستدل الذي كونه عوف منه ضد مقتضى العادات في هذه الزوجة وهذا الولد. ثم قيل له بعد ذلك: فغير الزوجة والولد من القرابات؟

فقال: لم أسمع من مالك في هذا شيئًا، وأشار إلى رد الإقرار مع التساوي في القرب.

وقد اختلف في شهادة رجل لأحد ولديه على الآخر وهما متساويان في المنزلة عنده: هل تمضي شهادته لأن التهمة في المشهود له يدفعها بعد التهمة في المشهود عليه. ولم يذكر اختلافًا في إقراره بدين لأحد ولديه ويرث مع هذا الولد ولد آخر مساويه في المنزلة. ولا يبعد تخريج الخلاف في الإقرار بالدين من الشهادة لأحد الولدين على الآخر إلا أن يقال: إن الشهادة للولد مردودة من ناحية السنة والشريعة فلا ينفصل القول فيها.

وقد اختلف في إقراره بدين لولد عاقّ، وله ولد سواه غير عاق، بإمضاء هذا الإقرار لارتفاع التهمة لأجل عقوق المقر له، ورُدّ لأجل أنه يمكن أن يكون يحنو على العاق ويرحمه، ويخشى عليه الفقر يعد موته لسبب سوء سيرته وتدبيره.

وقد اختلف أيضًا في الإقرار إذا تطرقت إليه التهمة من جانب وارتفعت من جانب آخر. مثل أن يقر بدين لزوجته ووارثه ابن عمه، فإن العادات تشهد بإيثار الزوجة على ابن عمه .. ولو أقر لابن عمه لمضى ذلك له، لكون الزوجة آثر

<<  <  ج: ص:  >  >>