للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقر له على أخيه فيستحلفه على الخمس مائة درهم التي بقيت من دينه إن تمادى على جحوده.

هذه رواية ابن القاسم عن مالك وبها أخذ ابن القاسم وإليه ذهب أبو حنيفة.

وروى أشهب عن مالك أن المقر له يأخذ جميع دينه من الألف التي هي جميع ما ورثه المقر. وبهذه الرواية أخذ أشهب. وإليه ذهب الشافعي.

ومشاهد (١) الخلاف اعتبار الموجود من هذه التركة الذي أخذه الولد المنكر للدين: هل يقدر ذلك كالجوائح التي تطرأ على بعض التركة، كغصب بعضها، أو ذهابها بأمر من الله سبحانه. فإن الدين ينحصر إلى ما بقي منها، فلا ميراث إلا ما فضل عن الباقي منها بعد الجوائح. فيقدر أن ما أخذ الولد المنكر للإقرار لما ظلم في أخذه، صار كذهاب بعض التركة بالغصب، فتعين قضاء الدين مما فضل عن الغصب، ولا يستحق أحد فيها ميراثًا إلا بعد قضاء الدين كله.

ألا ترى أنه لو قامت بينة بالدين، ووجد الغريم الذي له الدين بعض التركة في يد بعض الورثة، وبقيتها قد أتلفه من أخذه من الورثة، وهو فقير، فإنه لا خلاف أن يؤخذ الدين كله من جميع الموجود في يد الوارث الحاضر، ويصير ما أخذه الوارث الآخر كأن الميت لم يتركه، فيتعين قضاء الدين من الموجود الذي اختص به الوارث الحاضر المليء. فكذلك يجري حكم الإقرار مجرى حكم إقامة البينة.

وأما الرواية الأخرى فقد أشار إلى تعليلها بأنه لو أخذنا المقر بجميع الدين، ونزعنا جميع ما في يديه، لم يقر أحد من الورثة بدين على أبيه، لأجل أنه يؤخذ منه جميع ميراثه فيه ويبقى بلا ميراث دون غيره من الورثة. فاقتضت


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مَنْشَأ هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>