للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي الموازية أنه لا يكتفي بذلك دون أن يحلف الغرماء الذين أبرأهم الوصي مع شهادتهم بإبرائهم إن كان عدلًا. وهذا كنحو ما ذكر في المدونة في إقرار أحد الشريكين المتفاوضين بعد موت شريكه وانقطاع المعاوضة بالموت:

أن السلعة التي في يد فلان رهناها في كذا وكذا دينًا استدناه، فإنه جعل الشريك ها هنا شاهدًا أيضًا، مع كونه أضاف هذا الإقرار إلى من كان مقبول القول فيه على شريكه، ولكنه وقت إيقاع هذا القول لم يكن مصدقًا على شريكه. وهذا على نحو ما اختلف في شهادة الحميل وعلى نحو ما اختلف في الوكيل على بيع سلعة إذا أقر بعد بيعها بفساد البيع، لأنه أضاف هذا الإقرار وأسنده إلى زمن كان فيه وكيلًا، ولكنه لم يُسمع منه إلا الآن في زمن انقطعت وكالته فيه. وكذلك الوصي وقع منه هذا القول مسندًا إلى زمن كان مقبول القول فيه، ولكنه وقع منه هذا القول في زمن صار غير مقبول القول فيه.

وذهب سحنون إلى أن الوصي مصدق في ذلك. هذا المذهب بناء على إحدى الطريقتين اللتين ذكرناهما. وقد اختلف في العامل بالقراض إذا قال بعد المعاملة: نسيتُ النفقة. هل يصدق أم لا؟ وهو لو قال ذلك في زمن لم ينفصل فيه من رب المال لصُدِّق أيضًا (١). وإذا ادعى الوصي أنه دفع ما على الأيتام من ديون وخالفه مستحقوها، وأنكروا أن يكون دفع إليهم شيئًا، فإن القول قولهم، إذ لا يبرأ من عليه دين بمجرد قوله: إني قضيته، إلَاّ ببيّنة أو دلالة عادة.

ويضمن ذلك لليتامى، لكونه فرض (٢) إذا قضى ديونهم بغير إشهاد على مستحقها. فإن اعتذر بأنه قد أشهد ولكن الشهود غابوا أو ماتوا أو قسموا (٣).

فإن أشهب لم يقرره (٤)، ورأى أن الأصل عدم الإشهاد، وإنما يبرأ الوصي بالإشهاد. فظاهر فعله التعدي، ودعواه رفع التعدي لا يقبل منه بإثباتٍ


(١) هكذا، والأوْلى حذفها.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فرَّط.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: نَسُوا.
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يعْذرْه.

<<  <  ج: ص:  >  >>