للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استصحابًا لحال الأصل في عدا (١) الشهادة.

ورأى سحنون أن الزمن إذا طال حتى يمكن ما قال، فإن قول الوصي مقبول. ورأى أن الأصل براءة الذمة فنحن نستصحب حال براءة ذمته ولا نعمرها بالشك، هل صدق أم لا؟ وإذا كان الوصي عالمًا بان على الميت دينًا وخفي، له أن يقضيه ويسدده من غير أمته (٢)، إذ لا بينة تشهد بصحة الديون سواه، فإنه يجوز له فيما بينه وبين الله تعالى أن يفعل ذلك فإن شهد به عدول عند قاض وحكم به، وجب عليه الدفع، وإن أراد الاقتصار على سماع الشهادة بنفسه وقبولها لتحققه عدالة الشهود دون الرفع إلى القاضي، فإن أشهب يسوغ له ذلك، قال: والثقة أن يرفع إلى القاضي. وهذا لأن اليتامى لو بلغوا وجرحوا الشهود وسقطت شهادتهم، ووجب لهم استرجاع هذا المال، كان للوصي أن يسترجعه أيضًا إن ضمنّوه إياه. وبعض الأشياخ مال إلى أنه لا يجب على الوصي ضمان في هذا المال؛ لأن القاضي لو رفعت إليه الشهادة لم يعذر فيها إلا الوصي، فإن سلمها أنفذ القضاء إذا كان الشهود عدولًا. فلأجل انحصار هذا الأمر إليه، وإن رفع إلى القاضي، ينبغي ألاّ يتعلق به ضمان ما دفعه على هذا الوجه. وقد ذكرنا في كتاب المديان مسائل تتعلق بأحكام الهبة واشتراط الحوز في إمضائها، وذكر منها أنه من استقرض دنانير ثم وهبها قبل قبضها لآخر، وذكر الخلاف في هذا إذا وقع الموت قبل الحوز. وسبب الخلاف كون هذه الهبة يتعلق بها حق لغير الموهوب.

كما اختلف فيمن وهب سلعة فلم تقبض منه حتى باعها الموهوب له ثم مات الواهب: هل تبطل أم لا؟ وسبب الخلاف كون هذه الهبة يتعلق بها حق المشتري بها (٣) بعوض، والمعاملات بعوض لا يبطلها عدم الحوز. وكذلك لو


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عدم.
(٢) هكذا في (و)، وفي (مد): إذنه. والأوْلى: إذْنٍ.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>