للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر هذا في مناقضته لهم. وللشافعي قولان في لزوم هذا الإقرار إذا أطلقه ولم يذكر سببا.

وعندقي أن الذي يتخرج من المذهب إبطال الإقرار مع الإطلاق؛ لأن في الموازية فيمن قال: لرجل عليّ مائة دينار، أو على فلان، أن هذا الإقرار لا يلزم، ولا يوجب غرامة على المقرّ؛ لأنه لا يتحقق غرامة ذمته بشيء لهذا المقرّ له، وإنما شك في ذاك فلا تعمر ذمته بشك.

قال ابن المواز: إلا أن يكون تشكك المقر بين نفسه وبين صبي ابن شهر بأن يقول: لك عندي مائة دينار، أو عند هذا الطفل، الذي هـ وابن شهر، فإن المائة تلزمه لكون ابن شهر ممن لا يصح أن يُمَلِكّ ولا يكتسب. فإذا رأى ابن المواز هذا التردد في الإقرار بين المقرّ وبين رجل آخر يصح أن يملِكّ يُبِطل الإقرار، ورأى أن ابن شهر بخلاف ذلك، وأنه كالقائل: لك عندي مائة دينار أو عند هذا الحجَر. فدل ذلك على أن ابن المواز يحمل إطلاق هذا القول على نفى اللزوم. وإذا قال ذلك في ابن شهر وراَه، كالحجَر مع خروجه إلى وجوب وتيقنِ حياته. فأحرى أن يقول ذلك فيمن كان حملًا لا يدرى أحيّ هو أم ميت.

هذا الذي يتخرج عندي من المذهب، وإن كان قد اختلف في إطلاق قول له وجهان: أحدهما يصححه والآخر يفسده. على ماذا يحمل منهما؟ كمن أكرى داره سنة بثوب معين، فإن شرَط انتقاده صح الكراء. وإن شرط تأخيره إلى انقضاء السنة بطل الكراء، وإن أطلق القول، ولم تكن عادة تقتضي أحد الوجهين، فإن ظاهر المدونة حمل هذا الإطلاق على الفساد، وأن الكراء فاسد حملا لمطلق هذا القول على الوجه الذي يفسده. وفي كتاب ابن حبيب إن الكراء صحيح حملا لمطلق هذا القول على الوجه الجائز الصحيح في الشرع، وهذا قد ينظر إلى ما نحن فيه.

وأمّا لو قيد هذا الإقرأر بوجه يستحيل عقلا، كقوله، لهذا العمل عندي مائة دينار من معاملة عاملني بها. ومعلوم قطعا استحالة معاملة العمل. فهذا إن

<<  <  ج: ص:  >  >>