للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: إن الإقرار المطلق يفسد، فأحرى أن يفسد هذا بلا خلاف، على هذا القول؛ لأنه إذا فسد القول مع إطلاقه، واحتماله لأن يراد به الوجه الصحيح فأحرى أن يفسد مع تقييده بما يحيله ويفسده. وإن قلنا: إن القول المطلق يُحمل على ما يصح ويثبت، فإن ابن سحنون ها هنا ألزم هذا الإقرار، ورأى أن ذكر ما يستحيل كالعدم على ما قدمناه عنه.

ومذهب الشافعية هذا على قولين، وذلك في كل إقرار صدر من المقر، ولكنه أضاف إليه المقر من القول ما يفتضيه ويرفعه، حتى طرد ذلك في مسألة ليحر عندنا فيها اختلاف. منصوص. وهو إذا قال الإنسان لرجل آخر: لك عندي مائة دينار، وقضيتك إياها. فإن هذا لا يقبل منه دعواه القضاء إذا لم يكن على جهة الشكر أو الذم، بل في مجلس الخصام.

وأما نحن فلا يبعد أن يكون هذا مما يجري على قولين:

أحدهما أن هذا الإقرار لا يلزم لأنه لفظ واحد آخره يحيل أوَّلَه ويرفعه، فكأن المقر لم يحصل منه إقرار، ولا يؤاخذ بأكثر مما أقرّ به.

وعلى طريقة ثانية يكون الإقرار لازمًا، ويتعلق الحكم بصدر الكلام الذي ليس فيه إحالة، وَيعد ما أضاف إليه، بعد استقلال معناه، كالندم منه، واستدراك رفع ما يلزم بإقراره.

وعندنا خلاف فيمن قال: أنت طالق إن شاء هذا الحجر، فقيل: إن ذلك لا ينفعه فيه هذا الشرط، والطلاق واقع، ويعد نادما بهذا الشرط الذي اشترط بعد صدور الكلام منه مفيدٍ مستقبلٍ (١) بنفسه، وهو قوله: أنت طالق. فكأنه لما ثب عليه الطلاق بهذا القول ندم على وقوعه منه فأراد أن يرفعه بقوله: إن شاء هذا الحجر.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مستقلّ

<<  <  ج: ص:  >  >>