للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقرّ به. ورأى أنه لا يسوغ له التمسك بمال يشك فيه: هل يستحقه غيره عليه.

ورأى ابن عبد الحكم أن اقراره إنما يتضمن الشك فيمن يستحق ما أقر به.

ولكن مقتضى قوله: إنه يتيقن عمارة ذمته بالألف التي أقر بها لا أكثر منها، ويشك في مستحقها فيقضى عليه بما تيقنه، ولا تلزمه الغرامة مع الشك، على ما ذكرناه أيضًا عن أبي حنيفة.

لكنه لخص من مضمون الإقرار جملة متيقنة، وإنما وقع الاشكال فيمن يستحقها، فيقسم بين المتشكك فيه، فتبرأ ذمته مما اقتضاه قوله من المتيقَّن.

وكأن أبا حنيفة أفرد كل واحد من زيد وعمرو معه، وكل واحد منهما لا يستحق المقر أنه يستحق قبله شيئًا، فلا تلزمه غرامة له بالشك، فلهذا أسقط الإقرار على الجملة والتفصيل.

ولكن هذا المذهب الذي حكيناه عن أبي حنيفة نقله عنه ابن عبد الحكم فيما إذا أنكر المقر أن يكون لواحد منهما قِبله شيء، وأنكر ذلك عليه وقال: هذا فاسد. أرأيت لو كان هذا الإقرار تبقي له ما أدري ما يقول أبو حنيفة في هذا. فإن التزمه لم يكن لابن عبد الحكم -بما ذكرنا- مناقضة له. وأطرد ما علل مذهبه به. وابن عبد الحكم لم يسقُطه على الجملة فيسقط ذلك حكم التيقن.

وقد قال، فيما حكيناه عنه،: إنه يخرج المُقرّ الألف يقسمها زيد وعمرو، ليبرأ مما تيقن استحقاقه عليه. قال: ولو أبرأه زيد أو عمرو من هذا الإقرار وقال: لا استحق قِبَل المقر شيئًا لم يلزم المقر غرامة الآخر الذي لم يُبْرِه لإمكان أن يكون الحق لمن أبرأه منه، وقد أسقط عليه، فإن عدم التيقن مع إبراء أحد الرجلين، وهو إنما تثبت الغرامة إذا حصل التيقن على الجملة أو هو لا يحصل مع اعتراف أحدهما المقر (١) أنه لا يستحق قبله شيئًا.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: للمقر

<<  <  ج: ص:  >  >>