للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرافق سنة، والعضدان إلى الآباط فضيلة. هذا جملة ما قيل في ذلك.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: الأدلة دائرة بين أثر واعتبار ولغة.

فأما الأثر ففي الأحاديث الاقتصار على ذكر الكفين وفي بعضها ذكر الذراعين.

ويقول من أثبت مسح الذراعين ما تعلق به المخالف، يمكن تأويله على مذهبي، ولا يمكنه تأويل ما تعلقت به على مذهبه. لأن الذراعين مع الكفين قد يعبر عنهما بالكفين، ولا يعبر عن الاقتصار على الكفين بالذراعين. هذا منتهى القول من جهة الأثر. وأما من (١) جهة الاعتبار فيستعمل فيها أصلان من أصول الفقه: أحدهما الأخذ بأول الإسم أو بآخره. واليد من الأصابع إلى الإبط. فمن أخذ بأول الإسم اقتصر *على الكفين. ومن أخذ بآخر الإسم بلغ إلى الآباط كما حكيناه عن بعض من سلف* (٢) واقتصر على المرافق وأخرج العضدين بدليل (٣). والأصل الثاني من أصول الفقه رد المطلق إلى المقيد فيما يتناسب.

وفيه اختلاف بين أهل الأصول. فمن أنكر الرد ولم يقم له دليل على مسح الذراعين اقتصر على الكفين. ومن قال بالرد فهاهنا آيتان إحداهما قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (٤) والثانية قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٥). وقد تقرر أن القطع مقصور على الكفين. فمن رده إلى القطع في السرقة اقتصر في التيمم على الكفين. ومن رده إلى الوضوء بلغ في التيمم إلى المرفقين. لكن رده إلى آية الوضوء أحق وأوجب. ولا يتشاغل بالرد إلى آية السرقة إلا ضعيف النحيزة (٦). وذلك أنا شرطنا في رد المطلق إلى المقيد أن يكونا متناسبين. ولا تناسب بين السارق والمتطهر. فهذا عاص مذموم محدود.

وهذا متطهر متقرب. بل المتوضئ متطهر والمتيمم متطهر. وهما جميعًا


(١) وأما جهة -ح-ق-.
(٢) ما بين النجمين ساقط من ح.
(٣) هكذا في جميع النسخ. ويستقيم المعنى بتحوير النص هكذا. ومن اقتصر على المرافق أخرج العضدين بدليل - بزيادة مَن وحذف الواو.
(٤) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٥) سورة المائدة، الآية: ٣٨.
(٦) النحيزة = الطبيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>