للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمَّد بن عبد الحكم، وأشار إلى تعليل ذلك بأنهما لو كانا (١) جاريتين لم يحسن أن تسلم أدناهما بعينها إلى المقر له فيستبيح فرجها من غير اعتراف ملكها ولا من هي في يديه أنها لمن أقر له. وإلى هذا المعنى أشار ابن المواز. ولكن الشيخ أبا محمَّد بن أبي زيد أشار إلى حمل هذا الاعتلال على أن الطالب لا يعلم أيضًا عين من يستحق، كانه إذا علم أنه يستحق الأدنى من الجاريتين صار القول قوله، ولم يستبح الفرج على شك بل على يقين أنه له.

وقد كنا نحن تكلمنا في كتاب البيوع على من تبايعا جارية واختلفا في ثمنها وتحالفا وتفاسخا، وعادت إلى يد بائعها: هل يطؤها لأن المشترى لما حلف فكأنه وإن كذب في اليمين كالراضي بدفعها عوضا عن الثمن، فيحل للمشترى وطؤها، ولا يحل للبائع وطؤها لاعتقاده أن المشتري ملكها، وإنما ظلمه في جحوده بعض الثمن وردها عليه ظلما وعدوانا.

وهذه تلاحظ المسألة التي تكلمنا عليها الآن.

وقد قال ابن المواز في مثل هذا التشكك من المقرّ فيما يُستَحَق عليه إذا شهدت على إقراره البينة، وهو يجحد: إنه يحبس حتى يأتي بإحدى الجاريتين، وإن أدى الاجتهاد إلى ضربه ليقر فعلنا.

وهذا التفاوت (٢) إلى ما أشرنا من كون المقَر له لا يستبيح شيئًا بالشك.

وذهب ابن عبد الحكم إلى أنه لو قال: غصبت فلانا هذا العبد أو هذه الجارية، ثم أنكر وطلب استحلافه، فنكل عن اليمين، وادعى المقَر له العبدَ والجاريةَ، وحلف عليهما فإنه يقضى له بهما جميعًا. وكأنه رأى أن المقر إذا طلب منه أن يحلف على العبد أو الجارية ليُعتن حق المقَر له، فنكل عن اليمن وحلف المقر له لمّا ادعاهما جميعًا، صار كل شخص من المملوكين العبد


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: كانتا
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: التفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>