للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودرهم إلا درهم. فإن هذا أيضًا فيه مسلكان للعلماء:

أحدهما: أنه يعتد بهذا الاستثناء، ولا يلزمه سوى درهمين، لأن قوله: له عندي درهم ودرهم ودرهم المراد ثلاثة دراهم، ولا فرق عند العرب والناطقين بين قولهم ثلاثة دراهم وبين العبارة بدرهم ودرهم ودرهم؛ لأن النحاة قد جعلوا أن قولهم: جاءني الزيْدون بدلًا من قولهم: جاءني زيد وزيد وزيد. فإذا كان ذلك بدلًا نفع الاستثناء كما ينفع في قوله: ثلاثة دراهم إلا درهما.

والمسلك الآخر: أنه لما فضل ها هنا، وأتى بلفظ الآحاد عاد الاستثناء إلى الدرهم الأخير، فيصير إذا عدناه (١) إلى الدرهم الأخير كمستثني الكل من الكل، فكان قوله: إلا درهمًا، راجعًا إلى الدرهم الأخير خاصة فيبطل الاستثناء.

هذا حكم الاستثناء إذا كان من الجنس انفرد أو تكرر.

وأما إذا كان الاستثناء من غير الجنس مثل أن يقول: له عندي مائة دينار إلا مائة درهم، أو إلا عشرة أقفزة قمحًا، أو إلا عشرة ثياب، أو إلا عشرة أعبد، إلى ما يشبه ذلك مما يتقدر بالكيل (٢) أو وزن أو عدد. فهذا مما اختلف الناس فيه على ثلاثة أقوال على الجملة:

فمذهبنا ومذهب الشافعي صحة هذا الاستثناء والاعتداد به.

ومذهب محمَّد بن الحسن وزفر اطّراح هذا الاستثناء وكونه لا يعتد به ولا يُسقط من الجملة التي استثنى هذا منها شيئًا.

وفصل أبو حنيفة فذهب إلى أن كل ما يقدر بكيل أو وزن أو عدد. مثال العدد أن يقول: له عندي مائة درهم إلا مائة بيضة، أو إلا مائة جوزة. فإن الاستثناء يؤثر ويعتد به ويسقط مقداره من الجملة الأولى التي كان الاستثناء منها. وإذا كان مما لا يقدر بكيل أو وزن أو عدد اطرح حكمه، ولزمته الجملة


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصوابْ: أَعَدْناه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب بكيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>