ذكره عن أبيه، ما لم يقيده (١) إقراره بما يبطل الحقيقة التي أقر بها. لكن ذكر محمَّد بن عبد الحكم أنه إذا أقر بدراهم وديعة ثم قال: هي مغشوشة، فإنه اختلف قول ابن القاسم: هل يقبل ذلك منه أم لا؟ ولعله أراد في القول: لم يقبل ذلك منه إن الدراهم المغشوشة لا ينطلق عليها تسمية دراهم، فيكون ذلك موافقا لما ذكرناه عن سحنون.
ولو أقر بدنانير بلد، ثم بعد ذلك نسبها إلى سكة بلد آخر، لم يقبل ذلك منه، بل يحمل إقراره بأن المقَرّ عليه كذا وكذا، على أن المراد به سكة اليلد الذي أقر وهو به ..
ولو قال: لفلان عندي دينار في منزل. ثم مات المقر، لحمل إقراره على دينار جيّد. ولو قال: له دينار في منزل لا أعرف هل هو جيد أم دنيء ولا أعرف وزنه. ثم مات، لم يتضمن إقراره إلا أقل فا ينطلق عليه تسمية دينار.
ومما يلحق بهذا النوع من دعواه تخصيص العام لو كانت للمقر أجناس الديون على رجل فقال: الدين الذي لي على فلان هو لفلان، ثم بعد ذلك إنما أردت أحد الأجناس الذي لي عليه، وله عليه دنانير ودراهم وطعام وعروض، فقال: إنما أردت الدراهم أو الطعام، فإن ذلك لا يقبل منه. وهذا إنما يحسن على قول بعض أهل الأصول:. إن العموم ظاهر قوي في الاستيعاب والشمول، فيكون المقر على هذه الطريقة قد ادعى ما يبطل ما هو الظاهر من كلامه، ومقتضى إقراره. وهذا أيضًا بناء على أن الألف والسلام ها هنا تقتضي الإيعاب على ما ذكرناه فيما أمليناه في كتاب الأصول.
ولو كان من عليه الدين مقرًا لرجل: أن من له الدين أقر له عنده بأن هذا الدين له أو أنه أمره بدفعه إليه، وصاحب الدين غائب، لم يثبت إقراره بما ذكر عنه من عليه الدين، فإن في جبى على دفع ذلك لهذا الذي أقر أنه له قولين: