للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا مع ذكر الإشهاد أنه لا يشبه السكوت عن إنكار هذا.

وبالجملة فقد ذكرنا ما وقع في هذا وأضربنا عن ذكر ما سواه من أمثاله.

والتحقيق فيه الالتفات إلى قرائن الأحوال، فمتى دلت على كون السكوت مصدقاَّ قَضي بذلك عليه، وإن دلت على كونه منكرًا لم يقض عليه بالتصديق، وإن أشكل الأمر لم يقض عليه بالتصديق مع الاشكال والاحتمال، وقد يستظهر عليه باليمين على صدقه فيما لا يعتذر به من سكوته إذا أدى الاجتهاد لتحليفه.

وهذا هو المعتمد في الفتوى في هذا الأصل وفي غيره عندي، وعند بعض أشياخي المحققين.

وأما الإقرار على جهة الاستفهام ففيه قولان: مثل أن يقول زيد لعمرو: أَلَكَ عندي مائة دينار؟، فيقول المسؤول: نعم، فيرجع المستفهم عن استفهامه وينكر كونها عليه، فمذهب محمَّد بن المواز ومحمد بن عبد الحكم أن ذلك لا يكون كالتصريح بالإقرار بالمائة دينار. وذهب ابن سحنون أن ذلك إقرار بها.

وكأن ابن سحنون قدّر أن استفهامه كالشك في كونها في ذمته، لمن استفهمه عنها، والمسؤول عن ذلك يحقق أنها له قِبَل المستفِهم، فكان من حقه طلبه بها.

وكأن من لم يجعل ذلك إقرارأ قدر أن الشاك قد يرتفع شكه ويعود إلى اليقين، فيصدق في ارتفاع شكه، ويحلف على ذلك.

ولو قال: لك عندي مائة دينار ولم أقضك إياها؟ على جهة الاستفهام له، فإنه يطالَب بالمائة دينار من غير اختلاف، لأنه إذا أقر بها ثم ادعى قضاءها لم يصدق، فأحرى إذا لم يدع القضاء بل شك فيه ألَايبرَأ مما أقر به.

قال ابن المواز: ويقضى بها للمقر من غير يمين لأن المستفهِم لمْ يدّع القضاء وإنما شك فيه، والمقَر له موقن بأنه لم يأخذ من المقِر شيئًا.

وذكر ابن سحنون أن رجلًا قال لآخر: أليس قد أقضيتني أمس ألف

<<  <  ج: ص:  >  >>