للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

درهم فقال الطالب: بلى أو نعم، ثم جحد المقِر، فالمال يلزمه. وسوَّى ها هنا بين الجواب بنعم وببلى، وقد ذكر بعض أئمة النحاة أن الجواب بنعم في حرف النفي بخلاف الجواب ببلى، فقال في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}: لو قالوا "نعم" بدل قولهم "بلى" لكفروا.

وقد قدمنا هذا. وساوى ابن سحنون ها هنا في الجواب في قوله: أليس لي عليك ألف درهم، بين أن يقول السؤول "بلى" أو "نعم". وهذا. خلاف ما ذكرناه عن بعض النحاة، وكان بعض النحاة أجراها مجرى الإنكار للقول، فإذا قال:

"ألست بربكم" فوقع الاستفهام على حرفٍ نَفَى به أن يكون ربهم؛ فإذا قالوا "نعم" فقد صدّقوا النفي وكفروا. وإذا قالوا "بلى" فقد أنكروا النفي، وإكذاب النفي إثبات. فعلى مقتضى هذا يكون الجواب في مسألة ابن سحنون إذا قال الطالب "نعم" فقد أقر بأنه لا يستحق قِبَل المستفهم، وإذا قال "بلى" فقد أثبت بأنه يستحق قبله ألف درهم لأنه نفى ما نفاه المقر وإذا نفى النفي كان مثبتًا كما بينّا.

وقد ذكر محمَّد بن عبد الحكم في هذه المسألة: أن المستفهم لا يلزمه شيء. قال ابن عبد الحكم: ويحلف المقر.

وقد يقع المجاوبة عن القول ما (١) يشكل أيضًا مثل لو قال رجل لآخر: أقرضتك ألف درهم، فقال: لا أعود لها، فهو إقرار فيما ذكر ابن سحنون. ولو قال: غصبتني مائة، فأجابه: ما غصبت قبلها، فقال سحنون (٢): هو إقرار بها.

ولو قال: أقرضتك مائة، فقال: ما استقرضت من أحد بعدك أو غيرك أو قبلك.

فذكر ابن سحنون أنه إقرار، وذكر عن أبيه سحنون، وعن أهل العراق أنه ليس بإقرار. وكذلك لو أجابه: لا أعود لها، فإنه إقرار عند ابن سحنون وليس بإقرار عند أبيه سحنون. وقال ابن عبد الحكم: لو قال اقضني المائة التي لي عليك،

فقال: إن أخرتني بها سنة أقررت لك بها. فليس بإقرار، ويحلف. وكذلك لو


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بِما.
(٢) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>