أقر به. ولم يقل: إن لم يرجع عن إقراره، ولا قال أيضًا: إن لم يختر سقوط هذا الدين عنه.
واتبع ابن سحنون الخلاف الذي ذكرناه بمُثُل لا يحسن الخلاف فيها، مثل أن يقول: له عليّ ألف درهم غصبتها، أو كانت وديعة استهلكتها. فإنّ شرط الخيار في هذا غير لازم ولا ينبغي أن يختلف فيه، لأنه أسند الجواب إلى سبب يلزمه به الإقرار من غير خيار له في ذلك بإجماع. ولم. يصرح ابن سحنون بذكر الخلاف في هذا المثال، وإنما أبرزه عقيب المسألة الأولي التي ذكرناها عنه إيرادًا قد يسبق إلى قارئ كلامه تصور الخلاف في هذه المسألة أيضًا. وكذلك أيضًا عطف على هذا الإقرار بالكفالة بشرط الخيار مثل أن يقول: تكفلت لزيد بمائة دينار على أني بالخيار. فذكر أن المكفول له إن صدقه في اشتراط الخيار كان له الخيار فيما أقر به بين أن يتمادى على التزام الكفالة أو يرجع عنها. فإن أنكر المكفول له شرط الخيار وادّعى أنه تكفل من غير شرط، فإن من شرط دعوى الخيار ها هنا لا تقبل.
وهذا الذي ذكره ابن سحنون في هذه المسألة لا وجه له عندي، إلا أن يجريه على أصل ابن القاسم فيمن أقر ببيع وزعم أنه اشترط الخيار فيه، فإن ابن القاسم يرى أن القول قول من ادعى رفع الخيار، وأنه يشترط بين المتبايعين. فإن كان أراد هذه الطريقة (فلها ذكر وجه وإن لم يرده فيما أعلم له وجهًا على أصل هذا المذهب)(١).
وقد أَتْبع كلامه على هذه المسألة بما يدفعنا بما ظننا به. وذلك أنه قال: ولو ادعى البائع أنه باع على الخيار لم يصدق. وهذا الذي ذكر في البيع هو مذهب ابن سحنون كما حكيناه، فكأنه بهذا يشير إلى التفرقة بين دعوى الخيار في الكفالله ودعوى الخيار في البيع. وهذا لا يظهر عندي للتفرقة فيه وجه واضح، ولو صرف بصرف الخيار إلى الرجوع عما أقر به فلا يختلف أن ذلك اشتراط ساقط، مثل أن يقول لرجل: قتلت ابنك، أو استهلكت مالك، وأنا
(١) هكذا في النسختين. ولعل الصواب وان لم يردها فما أعلم