بالخيار في رجوعي عن إقراري. فإن هذا الاشتراط ساقط، لأن الإقرار إخبار عن أمر لازم سبق وجوبَه التصريحُ بالإقرار له، وما تقضّى لا يُقدّر الآن موجوداً حتى يُخيَّر الإنسان فيه.
فهذه النكتة توضح طريق الصواب في هذه المسائل، فإن صرف الخيار إلى الرجوع عن الإقرار (في حقوق إلى الخلق لا ينفع إلى حقوق الخالق ينفع اشتراطه)(١) إذا كان ذلك مما يجوز فيه الخيار.
وعندنا أن اشتراط الخيار في الكفالة يجوز.
ومنعه أصحاب الشافعي ورأوا اشتراط الخيار في الكفالة باطلاً. فلو قال: أتكفل بما لزيد على عمرو على أني بالخيار. لكانت هذه الكفالة ساقطة ذهاباً منهم إلى أن الخيار عذر وإنما رخص في اشتراطه في البياعات لمسيس الحاجة إليه لكون المشتري يفتقر إلى اختيار ما اشتراه والمشورة في بيعه، وكذلك البائع قد يفتقر إلى المشورة في ثمنه، فرُخّص لكل واحد منهما اشتراط الخيار لأجل هذه الضرورة، ولا ضرورة في اشتراط الخيار في الكفالة إذا كانت لا يرجع بها على المكفول لكون ذلك كالهبة منه والواهب لا ضرورة به إلى اشتراط الخيار.
وقد قدمنا أن مذهبنا جواز اشتراط الخيار في الكفالة. وإليه ذهب أبو حنيفة، ورأى أن البياعات إذا جاز اشتراط الخيار فيها عن كونها عقود معاوضة والغرر يجب أن ينفى عن عقود المعاوضة، فأحرى أن يجوز اشتراط الخيار فيما لا معاوضة فيه.
وإن وقع الاختلاف بين الكفيل والمكفول له هل وقعت الكفالة بشرط الخيار أم لا؟ فإن لأصحاب الشافعي في هذا قولين:
أحدهما: تصديق من ادعى وقوعها بغير شرط.
والثاني: تصديق المُكفِّل في أنه اشترط الخيار.
(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: في حقوق الخلق لا ينفع، وفي حقوق الخالق ...