للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قدمنا نحن في كتاب البيوع الكلام على اختلاف المتبايعين في مثل هذا المعنى، وعلى اختلافهما في دعوى الخيار في عقود البيع.

وبالحملة فإن المقر بشيء إذا وصل قولَه بصفة لا تحل (١) الصفة إمّا أن تكون تقييدًا ببعض أوصافه، أو رفعًا لبعض عدد جملته، أو رفعًا للكلية من الجهة التي منها ثبت أو دفعا له بالكلية من غير الجهة التي منها ثبت. فمثال الصانة في الإقرار بتقييد بعض أوصافه قول الإنسان: لزيد عندي مائة دينار من سكة كذا. فإن هذا لا يختلف في قبول هذا التقييد منه.

ومثل رفع بعض عدد الجملة كقوله: له عندي مائة دينار إلا عشرة، أو استثنى أكثر العدد كقوله: له عندي مائة إلا تسع وتسعون.

ومثال رفع الجملة من الجهة التي فنها ثبت الإقرار كقوله: عندي ألف درهم إلا ألف درهم، وأنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا. فإن الاتفاق على أن الاستثناء في الطلاق لا ينفع لكونه رفع جملة ما أثبت، فيصير الكلام متناقضًا غير مقيد.

وكذلك في استثناء جملة المال.

وإن كان الإقرار يرفع الكل من غير جهة ثبوته مثل قوله: له عندي مائة دينار قبضتها (٢) له. فإن أصحاب الشافعي صرحوا بأن مذهبهم على قولين في هذا.

وعندنا أنه لا يقبل دعواه القضاء من غير خلاف منصوص. وإن كان بعض الأشياخ حاول تخريج خلاف فيه على أصل أشهب، وتردد في ذلك. وقد تقدم كلامنا عليه.

وكذلك عند أصحاب الشافعي قولان منصوصان أيضًا فيمن قال: له عندي مائة درهم من ثمن خمر أو خنزير. فإن هذا كله باب واحد عندهم، وهو يرفع جملة ما أقر به من غير جهة ثبوته. وهذه المسائل قد تكلمنا نحن عليها وعلى أصولها في كتاب البيوع.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: تخلُو.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أقبضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>