النوع من الإقرار خاصة، وحمل ما سواه من تكرار الإقرار على أن المراد به عددان اثنان، ولم يصدقه في قصد التكرير إلى التأكيد. وصاحباه محمَّد وأبو يوسف صارا إلى ما صرنا إليه، وخالفاه في مذهبه هذا. وهو إنما استثنى هذه المسألة من الإقرارات استحسانًا، وإلا فهو يسلم أن القياس أن تجري مجرى أخواتها. وكأنه رأى أنه مضطر إلى الاعتراف بين يدي القاضي لما سأله المَاضي، فصارت ضرورة إلى ذلك، وإكرامه (١) على أن يجيب عن السؤال كقرينة حال تصدقه في أنه إنما أقر بما تقدم إشهاده به. ونحن لا نفرق بين سائر المجالس في هذا سواء كانت عند الحاكم أو عند غيره، بناءً على أن الأصول تقتضي حمل كل لفظة على فائدة مجدَّدة، وعلى هذا أتى لسان العرب أنها إنما تتكلم بالكلام المفيد ولا تجدد كلمة واحدة إلا لفائدة مجَدّدة. وهذا يقتضي أن قوله: يوم السبت مائة دينار، يفيد عمارة ذمته بمائة دينار، ثم قوله بعد ذلك:
لزيد عندي مائة دينار تفيد مائة أخرى، وإلا لو أفادت الأولى بعينها لم تكن لهذه اللفظة فائدة.
وهذه المسألة تنظر إلى اختلاف أهل الأصول في تكرير الأمر بالفعل الواحد، مثل أن يقول الباري سبحانه لرجل "صلّ صلّ" فإن الأصوليين مختلفون هل يحمل ذلك على صلاتين، أو صلاة واحدة ويكون التكرير للتأكيد. ومنهم من وقف بين هذين. المذهبين ورأى أن هذا اللفظ محتمل لهما. وكذلك إذا قال لزوجته: أنت طالق طالق، وأشهد رجلين على قوله لها: إنها طالق. ثم أشهد آخر بمثل هذا اللفظ، ثم أشهد آخر بمثل هذا اللفظ، فإن ذلك يحمل على ثلاثة تطليقات.
وقد اختلف إشارات أهل المذهب إلى هذا الذي ذكرناه في مسألة الطلاق: هل يجري تكرير الإقرار بالمال مجرى التكرير بالطلاق أم لا؟ فظاهر ما أشار إليه ابن القاسم أنهما شيئان وحكمهما واحد. وأشار ابن القصار إلى خلاف