هذا الرأي، ورأى أن الطلاق، وإن حمل. على التعديد، فإن الإقرار بالمال لا يجب حمله على التعديد. واعتل بأن الطلاق إيقاع لا إخبار، والإقرار بالمال إخبار، والإخبار يصلح فيه التعديد والتأكيد. وإذا احتمل ذلك لم يلزم التعديد بأمر محتمل. والطلاق إيقاع، وحكم الإيقاع يقتضي التعديد. وقد ذكر ابن شعبان في مختصره عن مالك فيمن أشهد رجلًا بأن قال: امرأتي طالق، ثم آخر، ثم آخر، فإنه يصدق في دعواه إرادة التأكيد. وبعض أشياخي يميل إلى ما ذكره ابن القاسم، ويرى أن قوله: أنت طالق ليس بإيقاع بل هو كالإخبار، والمراد بقوله: أنت طالق أي أنت ذات طلاق. هكذا يقول أهل اللغة إن قول الرجل: امرأتي طالق، المراد به أنها ذات طلاق كما قالوا: رجل لابن، أي ذو لبن، رجل تأمر، أي ذو تمر. وهذا، إذا ثبت عن اللغة صار الطلاق معنى الإخبار، فلم يفترق الحكم كما أشار إليه ابن القاسم. وهكذا على ما ذكرناه عن ابن القصار يجري القول في تكرير الأمر بفعل واحد، فإن قوله "صلّ" يقتضي إيقاع الفعل، وكذلك قوله الثاني، فلا بد من إيقاعين بخلاف قوله: له عندي مائة دينار، ثم بعد ذلك قال: له عندي مائه دينار.
والجواب عن السؤال الحادي والعشرين أن يقال:
قد قدمنا في صدر كتاب الإقرار جملة، منها يؤخذ حكم هذه المسألة وأخواتها. وذكرنا أن الألفاظ الواقعة من المقر تؤخذ معرفة معناها من اللغة أو عرف الاستعمال.
وهكذا الأمر ها هنا في البراءة، إذا وقعت، فإنه يعتبر لفظ الذي أبرأ هل هو تصريح في سائر المطالب أو محتمل؟
فما كان تصريحًا لم يصدق في دعواه خلافَ ما اقتضاه النصر والتصريح.
وما كان محتملًا فالقول قوله فيه وفيما أراد بما قال.
فإذا قال رجل: مالي قِبَل زيد حق. فإن ذلك يحمل على أنه أبرأه من سائر