أسن من أبيهم وأمهم، فإن هذا الإقرار باطل ولا تجب مشاركة المقر للمقر له لتبيّن كذبه، والحكم بإبطال إقراره ودعواه. وقد أشار في المدونة إلى هذا التعليل في اختلاف المتبايعين في ثمن الشقص إذا تحالفا وتفاسخا، فإن الشفع لا يأخذ بالشفعة وإن دفع الثمن الذي ادعاه البائع. وأشار إلى أن التحالف يوجب رد البيع وما قُضِي برده فلا شفعة فيه.
وممّا يرجح به مذهبه من قال بالمشاركة أيضًا أن من ادعى على رجل بدنانير أنه غصبه إياها، وقال المدعى عليه: بل هي وديعة عندي فخذها، فإنه يقضى عليه بتسليمها لمدعي الغصب، وإن كان مدعي الغصب قد أبطل الجهة والسبب الذي أوجب على المدعى عليه التسليم.
ومما يعتمدون عليه أيضًا أن القضاء برد السبب (١) حكم في الظاهر. وإذا كان المقر يعلم قطعًا صحة ما أقر به لكونه عاين الولادة. وهذا الباطن لو صار ظاهرأوخرج إلى الوجود لوجبت المشاركة في الميراث بإجماع الأمة. فإذا كان
يعلم صدقه باطنًا قطعًا. فصدقه بقطع منه على وجوب المشاركة، لم يسقط وما وجب وجوبًا قطعيًا، لما اقتضاه الحكم الظاهر الذي يعتقد مَنِ المال في يده أنه حكم باطل.
وقد أشار بعض حذاق الأئمة النظار، إلى كشف سرّ من هذه الأسرار، وهو أن مجرد السبب (١) وإن قطع عليه، أنه لا يوجب بمجرده التوارث حتى تنضم إليه الموالاة التي يقتضيها السبب (١). ألا ترى أن الأخ الكافر لا يرث أخاه المسلم، وإن كان يُعلم قطعًا أنهما أخوان، لأن اختلاف الدينين أوجب التقاطع. وكذلك العبد المملوك لا يرث أباه، لاستحقاق سيده جملة منافعه، فصار ذلك كالمعدوم في حق أبيه، والعدم لا يتصور فيه موالاة. وكذلك لو كان أبوه عبدًا قد خلع رقُّه الموالاةَ، فلم يكن للنسب تأثير في وجوب الميراث.