للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا المقر وإن علم في الباطن أن هذا المقر له أخوه فإن كون الظاهر بخلاف ذلك يوجب عدم الموالاة.

فحصل من هذا أن مجرد النسب والقرابة لا يوجب التوارث إلا أن تنضم إليه علة أخرى وهي الموالاة. فلهذا لم نغلب ها هنا حكم الباطن على الظاهر لعدم العلة الأخرى وهي الموالاة.

وأما التخريج بطريقة ثبوت النسب، ولا يشترط فيه الموالاة، ولهذا تحرم على المسلم ابنته الكافرة، وإن لم يكن بينها وبينه موالاة. وهذا يرد ما حكيناه عن القاضي حسين من اقتحامه على تحليل المقر لها بأنها أخت.

وإذا تقرر حكم إقرار بعض الورثة بوارث، وخالفه من سواه من الورثة، وتقرر ما ذكرناه من الاتفاق على أن نسب المقر له لا يثبت، وأن الشافعي لما رأى الاتفاق على نفي النسب ألحق به نفي المشاركة في الميراث للمقر. وأن مالكًا وأبا حنيفة، وإن لم يثبتا النسب، فإنهما أثبتا المشاركة في الميراث. ولكن اختلفوا في صفة المشاركة فعند أبي حنيفة أنها تكون للمساواة (١)، فيعطي المقر للمقر له نصف ما في يده، حتى كأنه لم يرث أباهما سواهما. ويقدر من ذهب إلى هذا المذهب أن الذي أخذه الجاحد النسب كأنه لم يكن من التركة، وكأنه جائحة وظلمه على المقر والمقر له نصفانْ، والذي في يد المقر يكون بينهما نصفين. وأشار بعض أصحابنا إلى هذه الطريقة. والمشهور من مذهبنا أن المقر يعطي للمقر له العدل. ويقر أن الولدين إذا أقر أحدهما بولد ثالث وجحد الآخر فإن المقَر له إنما يستحق ثلث التركة، وثلثها نصف ما في يد المقر ونصف ما في يد الجاحد، فالذي في يد الجاحد كأنه إنما غصبه للمقَر له فلا يلزم المقَر أن يغرَمه عن الغاصب. وقد قيل: إن هذا النصيب الذي هو نصف الثلث يكون نصف (٢) المقر له والنصف الآخر لبقية الورثة الجاحدين. وكأن من ذهب إلى


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بالمساواه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: نصفه للمقَر.

<<  <  ج: ص:  >  >>