للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجرى المعاوضات التي لا تجوز فيها الجهالات. ونحن أجريناه مجرى الهبات التي تجوز فيها الجهالات.

وقد ذهب بعض الأئمة إلى كراهية هذا المجهول، وعلّل ذلك بأنه قد يظهر ما يندم على إخراجه من ملكه وهبته لغيره، فلا يحسن أن يفعل معروفًا يؤديه إلى الندم عليه.

وقد نبهنا عن نكتة سبب الخلاف في هذا: هل تجري الكفالة مجرى عقود المعاوضات فتمنع فيها الجهالات والغرر، أو مجرى عقود الهبات والعتق والوصايا فتجوز فيها الجهالات والغرر وأصحابنا يستدلون على جوازها من الظواهر بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود} (١) وقوله عليه السلام: "الزعيم غارم" (٢) وهذا العموم يقتضي الجواز.

والمخالف يمنع من هذا الاستدلال، ويرى أن المراد بقوله تعالى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} العقود الجائزة. وفي جواز الكفالة بالمجهول وقع الخلاف. وكذاك الزعيم غارم. وفي كون هذا زعيما كفيلًا وقع الخلاف.

ويعتمدون أيضًا على جواز الكفالة بالعهدة في المبيعات. وتتصور في ذلك الجهالة والغرر لألمه قد يستحق جميع المبيع وقد يستحق يعضه، ولا يدري المضمون له مقدار ما يرجع على الكفيل. وقد اشتهر في سائر الأمصار والأعصار كَتبة العهدة إلى (٣) المبيعات، ولم ينكر ذلك أحد مع ما فيه من الجهالة. وإن كان قد يحكي أبو العباس بن سُريج قولًا آخر عندهم (٤) في جواز الكفالة بعهدة المبيع، ولكن حذاقهم يرون أن مذهبهم جواز ضمان عهدة الدرك في المبيعات.


(١) الانعام: ١
(٢) سبق تخريجه
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: على
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: في [عدم] جواز

<<  <  ج: ص:  >  >>