الرجوع بذلك عند إلاستحقاق فإنه يجوز عندنا أيضًا وعند أبي حنيفة، لأنا وإياه لا نمنع ضمان المجهول ولا ضمان ما لم يجب.
والشافعي يمنع من ذلك ويرى أن الحمالة ساقطة لكونه في ضمانًا بأمر مجهول، وكونه ضمانا لما لم يجب، وضمان الأعيان لا يصح لأن العين لا تصير بعينها في الذمة. فلو أعاره ثوبًا لم تصح الحمالة بعينه لكونه إن هلك لم يقدر على رده بعينه. وأما ضمان قيمثه إن أتلفه المستعير فذلك عند الشافعية على قولين لأنه ضمان ما لم يجب بعد.
والجواب عن السؤال السادس أن يقال:
المحجور عليهم على: نوعين:
أحدهما محجور عليه لحقّ نفسه، وهو الحر السفيه والثاني لحقّ غيره، وهو المريض والعبد والزوجة والمديان.
فأما المحجور عليه لحق نفسه، وهو الصغير الذي لم يبلغ أو البالغ السفيه، فإنما تصح الحمالة عنهم ويرجع عليهم بما أدّى الحميل إذا كان الدين الذي تحمل به الحميل عنهم مما يلزمهم، كاستدانة استدانها الصغير أو السفيه أنفقها في قوته وحفظ حياته، مما لو لم يفعل ذلك لباع القاضي عليه من ماله مثل الذي استدان، وكذلك ما استدان في إصلاح رباعه مما لو لم يفعل هو ذلك لفعله القاضي، فإن هذا تصح الحمالة به عنه. وإذا أدى الحميل ما تحمل به قضي بالرجوع على الموتى عليه.
وأما دين لا يلزم المولّى عليه وهو ساقط عنه بحكم الشرع، كمال استدانه لينفقه فيما لا يسوغ الإنفاق به، والحميل إنما تحمل عنه بشرط أن يكون له مرجع على المولّى عليه، فإن هذا الدين ساقط على المولى عليه، وعن الحميل لكون الحميل إنما تحمل بشرط أن يكون له مرجع، فإذا منعه الشرع من المرجع سقطت عنه الحمالة لعدم شرطها. وإن تحمل بما يعلم سقوطه عن المولى عليه