لزمته الحمالة، وصار كواهب ماله بغير عوض لغير (١) له في ذلك.
وأمّا المحجور عليهم لحق غيرهم، فمن ذلك العبد: فإنه إن لم يكن مأذونا له في التجارة لم تصح منه الحمالة بغير إذن سيده. في ذلك قولان: منع ذلك ابن القاسم، وأجازه عبد الملك بن الماجشون، حكى ذلك عنه ابن المواز، وحكاه عنه إسماعيل القاضي في المبسوط. وذكر إسماعيل القاضي تعليله لذلك بأنه مصلحة للعبد واستئلاف لمن يعامله ويتحمل به كما يتحمل هو بغيره. وإن كان ذلك بإذن السيد صحت الحمالة بغير اختلاف في العبد القن المأذون له في التجارة. وهل تصح في المكاتب أم لا؟ فيه قولان: أحدهما الجواز، والآخر المنع. وهما مبنيان على تمكين العبد من فسخ كتابته مع قدرته على أدائها. فإن قلنا بتمكينه من ذلك صحت الحمالة منه إذا أذن له سيده، وإن قلنا بمنعه من تعجيز نفسه وفسخ كتابته فكانت حمالته قد تؤدي إلى رقه وعجزه لم ينفع في ذلك إذن سيده لأن سيده، وإن أسقط حقه بالإذن، فيبقى حق الله سبحانه في منع العبد من إرقاق نفسه مع قدرته على فكها من الرق. وأما إكراه سيده له في الحمالة وهو عبد قن لم يكاتبه، فإن ابن القاسم في المدونة منع سيده من اجباره على الحمالة. فإذا قال له سيده: تحمل لفلان عن فلان. فقال العبد: لا أفعل. فأشهد سحده أنه ألزمه هذه الحمالة، فذلك لا يلزمه عند ابن القاسم ويلزمه عند غيره. وقد أشار ابن القاسم إلى هذا الخلاف في المدونة لأنه لما قال: لا يجبره عقب ذلك بأن قال: وقد قال مالك، فيمن قال لعبده: أنت حرّ وعليك مائة دينار،: إن ذلك يلزم العبد. فأشار بهذا إلى مقتضى مذهب مالك أن له إجباره على الكفالة، وتعمير ذمته، وإن طلب به بعد عتقه، كما ألزمه تعمير ذمته إذ قال له: أنت حر وعليك مائة دينار. وأما إجباره لمكاتبه فلمس له ذلك إن كان يقتضي تعجيزه، وليس لسيده المكاتِب أن يعجز