للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، فتكفلت به أم كلثوم. فهذا الضمير في قوله به يعود على أقرب المذكورين وهو المال، والكفالة بالمال لا ينكرها أحد.

وأجيب عن حديث ابن مسعود بأن المرتد إذا استتيب لم يلزمه أن يأتي بمن يتكفل به، هذا لا يؤخذ بظاهره باتفاق.

ابن القصار، من أصحابنا إلى أن مدافعة هذا الانفصال بأنهم كانوا متهمين بأن يرجعوا إلى ما كانوا عليه قبل الاستتابة فكفل بهم عشائرهم ليرفعوا خبرهم إليه، ويمنعوهم من الرجوع إلى الكفر، فصارت الكفالة ها هنا لها مدخل في الإفادة.

وتعلق من أجاز ذلك بقوله في خبره عن أخذه يوسف {إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (١) ويقولون خبرًا عن أبيهم يعقوب: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} (٢) فهذه كفالة بالوجه.

واجيب عن هذا أيضًا بأن شرع يوسف كان الشرع فيه استرقاق السارق، وبهذا جعل الصواع في رحل أخيه ليستبيح بذلك منعهم منه، وهذا منسوخ في شرعنا، على أن الاسترقاق ليس بكفالة ولا بقول أخوته "خذ أحدنا مكانه" كفالة به. وكذلك قوله تعالى: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ} (٣) ليس بصريح في الجواز للكفالة بالوجه، وإنما هي معاقدة ومعاهدة عاهدهم أبوهم على أن يعيدوا إليه ولده. هذا، وذلك ليس بكفالة.

واستدلوا أيضًا على جواز الكفالة بالوجه: بأن الكفالة بالمال أجيزت لما فيها من المصلحة والرفق والإحسان إلى المتكفل له بأن يستوثق من حقه بضمان


(١) يوسف: ٧٨
(٢) يوسف: ٦٦
(٣) يوسف: ٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>