للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الكفيل، وإحسان أيضًا بالمتكفل عنه بأنه يطلق سراحه من الاعتقال والتضييق عليه، وهذا المعنى موجود في الكفالة بالوجه، فوجب أن تجوز لأن الغرض بها تحصيل المال الذي على المطلوب. فصار المقصود بها سببا لجوازها لكون الحمالة لم يختلف في جوازها.

واحتج المانعون لها بأن ضمان الأعيان ودخولها في الذمم لا يصح كما لا يصح السلم في عين مرئيّة تكون في الذمة؛ لأن معنى الذمة ها هنا استحقاق المطالبة مادامت الذمة موجودة، والعين المضمونة إن بقيت فلا فائدة في ضمانها، وإن هلكت فلا يقدر أحد من الخلق على إعادتها بعينها، فصار ضامنها (١) في الذمة في معنى المستحيل. فكذلك الكفالة ببدن الإنسان لا تصح لكونها عينًا مشاهدة. ولا يصح دخولها في الذمة، وكل مالًا يصح ضمانه حالي تلفه فإنه لا يصح ضمانه حال بقائه. أصله الوديعة لأن الإنسان لا يضمن الوديعة التي أودعت عنده إن تلفت ولا يضمنها حالي بقائها.

وعكسه الغصب يضمنه إن تلف وإن كان باقيا في يده.

واجيب عن هذا بأن الوديعة وإن كانت عينا قائمة فإنه مخاطب بردّها إلى صاحبها، ووداها (٢) إليه فعل إلزامه (٣) إياهْ قبوله للوديعة. فكذلك لا يمنع أن يتعلق بضمان الوجه حكم وهو إحضار المكفول له يستوي (٤) حقه منه.

وقد قيل في هذا أيضًا: لا نسلم أن الرد واجب، إذ لو كان عبدًا فأبق ما لزم المودعَ طلبُه. ولو كان شيئًا ثقيلًا مالزم المودعَ حملُه إلى ربّه، وإنما يلزمه رفع يده عن الوديعة، وتمكين صاحبها منها، وذلك ليس بفعل يفعله في العين المودعة.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: ضمانها
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: وردّها
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أَلْزَمَهُ
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: ليَسْتَوْفِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>