للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاعلم أن الشريكين (لا يخلوان من) (١) أن يزعما أن شريكهما الذي دفع وشهد له الشاهدين (٢) بذلك أنهما لم يدفعا إليه شيئًا وإنما دفع ذلك من مال نفسه. أو يزعمان أن المال الذي دُفع هما دفعا ذلك ببينة. فإن ذكر (٣) أنهما لم يدفعا إليه شيئًا، وإنما دفع ذلك من ماله فلا مدخل لهما في اليمين مع الشاهد، لأنهما مقران أن ثلثي الثمن باق في ذمتهما. فإذا كانا يغرمانه على كل حال ولا فرق بين أن يغرِما ذلك الورثة (٤) أو يغرماه إلى البائع. وإنما يحلف القائم بالشاهد فيما يجتلب بيمينه مع الشاهد له منفعة. أو يدفع مضرة. وثلثا الثمن ها هنا لا بد لهما من غرامته، فلا يجتلبان باليمين مع الشاهد بسقوط شيء من هذه الغرامة. ولهذا علل في المدونة قال: لا يحلفان لأنهما يغرمان.

لكن إن كان الشريك الدافع الذي مات معسرًا فإنهما يلحقهما مضرة إن لم يحلفا مع الشاهد، لكون البائع له أن يغرمهما ثلث الثمن الذي على الميت، فيمكنان ها هنا من اليمين مع الشاهد لينفيا عن أنفسهما غرامة هذا الثلث. وهكذا تأول الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد على المدونة، وحمل مطلق قوله: إن الشريكين لا يحلفان مع الشاهد لأنهما يغرمان: أَنَّ المراد غرامة هذا الثلث الذي على الميت، وقد مات معسرًا. وأما لو مات موسرًا فلا كبير فائدة لهما في اليمين مع الشاهد، لأن للبائع أن يأخذ ذلك من تركة الميت، ولو أخذه منهما رجعا به في ذمة التركة.

وهذا تأويل صحيح، وما قيد به من إطلاق المدونة ظاهرٌ وجهه. لكن ذكر الشيخ أبو محمَّد أنهما لا يُغرمان الورثة شيئًا، وإن كان قد قال: إن الميت في فرع ذلك من مال نفسه. وذلك إقرار منهما بأن الميت استحق طلبهما بما دفع


(١) هكذا في نسخة (و)، والأوْلى: إمّا أن يزعما.
(٢) هكذا في نسخة (و)، والصواب: الشاهدان.
(٣) هكذا في (و)، والصواب: ذكرًا.
(٤) هكذا في (و)، والصواب: للورثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>