للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأكد الشيخ أبو إسحاق هذا التعقب الذي تعقبه عن الشيخ أبي محمَّد بن أبي زيد بأن أشار إلى أن للبائع أن يطلب الورثة بالثلث الذي على أبيهم متى طرأ له مال كما لو حلفوا بأنفسهم مع الشاهد، فإن البائع يسقط طلبه عنهم. فكأنه رأى أن الشيخ أبا محمَّد أحل يمين الشريكين محل يمين الورثة في ملكهم لهذين الثلثين، ولم يحل يمين الشريكين محل يمين الورثة في إسقاط الطلب عنهم بهذا الثلث.

واعلم أن الذي قاله الشيخ أبو إسحاق من أن الأصل ألاّ يحلف أحد ليستحق آخر مالًا صحيح مسلم. ولكن إذا لم يكن للحالف فائدة في يمينه سوى أن يملّك رجك بيمينه رجلًا آخر مالًا، وهاهنا يمين الشريكين إذا مات الثالث عديمًا أفادَتْهم سقوط غرامة نصيبه بما حلفا: أللهما (١) يستفيدان بما نفي غرامة محنهما (وهي الغرامة عنهما) (٢) ويمينهما على الشاهد صدق يتضمن تصديقه في كون الورثة يستحقون هذا الثلث، وإن حلفا على ما يفيدهما، وتضمن ذلك ما يفيد غيرهما ضاعَت ها هنا اليمين، وانسحب يمينهما على ما يفيدهما، لأنهما أمران متلازمان، فإثبات أحدهما يقتضي ثبوت ما يلزم عنه. وقد وقع لهذا نظير تكلمنا عليه في كتاب البيوع في يمين أحد المتبايعين على ما القول قوله فيه، ويضيف إلى ذلك ما القول فيه قول خصمه.

لكن يفتقر في هذا الاعتذار عن الشيخ أبي محمَّد إلى اعتذار آخر عمّا نقضه به الشيخ أبو إسحاق وهو قوله: هلا أفادت يمينهما أيضًا إسقاط الطلب بالثلث عن الورثة كما أفادت تمليك الورثة الثلثين. والعذر أيضًا عن هذا بأن الورثة قدّروا أنفسهم أن يحلفوا مع الشاهد ويسقطوا الغرامة عن أنفسهم، فلما نكلوا صاروا ممكّنين للبائع من يمينه على ما نكلوا عنه، فإذا مكنوه من ذلك وحلف استحق طلبهم بالثلث بخلاف الثلثين، فإن إقرار الشريكين بأن الشريك


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أنّهما.
(٢) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>