للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المدعى عليه. واختار ابن المواز تعليل ابن الماجشون. وهذا يُلتَفت فيه إلى ما قدمناه مرارًا في كتاب البيوع وفي غيرها من أصل ابن القاسم، وأصل أشهب في تبعيض حكم الإقرار، كالقائلَ: لك عندي فائة دينار وديعة، وقد ضاعت، فهي منك. ويقول الآخرة بل سلفًا أخذتَها مني فضياعها منك. فإن ابن القاسم يبعض حكم الإقرار، ويراه مقرًّا لإنسانٍ يقال، وخصص إقراره بأحد الأحوال التي يؤخذ عليها المال، فقال: أخذت منك مائة دينار وديعة، والوديعة وصف من أوصاف هذه المائة، فاقتضاؤها على هذا الوصف دعوى منه. وأصل أشهب أنه لا يؤخذ بأكثر مما أقرّ به على الصفة التي أقر بها، والتقييد الذي قيد قوله به، فكذلك ها هنا القابض يقول أخذها من الكفالة أو من القرض، فصار تقييده لا يؤخذ فيه بأكثر مما أقرّ به.

وأمّا مالك رضي الله عنه وابن القاسم فذهبا في هذه المسألة إلى أن كل واحد منهما يحلف، فإذا حلفا قسم المقبوض بين الكفالة والقرض، ورأيا أن ليس أحدهما أحرى بالتصديق من الآخر لأن الدافع كان المال في يديه، ولا يخرج من يده إلا على الصفة التي يقول: إني أخرجت هذا المال عليها, ولا يؤخذ بغير ما أقرّ به. وكذلك القابض يقول: أخذته على صفة كذا فلا يؤخذ أيضًا بأكثر مما أقر به. فإذا تساويا في ابدعوى على هذا الأصل، ولم يمكن ترجيح أحدهما على الآخر وجب قسم هذا المال بينهما كما (١) ليس في يد أحد، ادعاه رجلان فإنه يقسم بينهما. وهذا إذا ادعى كل واحد منهما (٢) قد بيّن حين الدفع الوجه الذي دفع عليه من قضاء دين أو قضاء ما وجب بالحمالة. فأما إن اتفقا على أن كان الدفع منهما (٣) ولم يقع بيان لارتفع الخلاف الذي قدمناه بين مالك وبين عبد الملك وأشهب على ما ذكره ابن المواز، وذلك لما أشرنا إليه من كون ما ادعاه أحدهما وحلف عليه ليس بأرجح مما ادعاه الآخر وحلف


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: كمالِ.
(٢) هكذا في النسختين، والمعنى: [أنه] قد بيّن.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>