للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه فإذا تحالفا لما زعم كل واحد منهما أن البيان قد وقع حين الدفع وجبت التهسمة، فكذلك أيضًا إذا اتفقا على الإبهام المانع من اليمين وجبت أيضًا القسمة.

وكأن أشهب وعبد الملك رأيا أنه إذا زعم كل واحد منهما أنه قد بين حين الدفع تصور في المسألة مدع ومدعى عليه، والمدعى عليه هو القباض، فقيل (١) قوله مع يمينه. وإذا اتفقا على الإبهام خين الدفع واستحال في المسألة مدع ومدعًى عليه، والدفع محتمل فوجب القسمة بين محتملين.

وتعليل عبد الملك بأن القول قول القابض لأنه مؤتمن، فلاحظ أحد أقوال مالك رضي الله عنه في اختلاف المتبايعين في الثمن: إن القول قول المشتري إذا قبض السلعة وبان بها, لأنه رآه كالمؤتمن على ما يدفع من الثمن، وكأن البائع لما دفع السلعة للمشتري من غير إشهاد، وهو يجوّز مخالفته في مقدار الثمن، صار ذلك كالتصديق له فيما يدعيه من الثمن.

وإن كان هذا التعليل عندي في هذه المسألة ضعيفًا, لأنه يقتضي أنهما لو اختلافا في جنس الثمن لكان المشتري أيضًا مصدَّقًا فيه لأنه كالمؤتمن، وهذا لم يقله مالك رضي الله عنه.

هذا الحكم إذا اتفقا على البيان حين الدفع واختلفا في صفته، واتفقا (٢) على الإبهام وعدم البيان.

فأمّا لو اختلفا في ذلك فقال: أحدهما: لم يقع بيان حين الدفع، وقال الآخر: بلِ وقع البيان. فإن ابن المواز حكى عن أصبغ أن القول قول من ادعى البيان. قال ابن المواز وهذا خلاف لابن القاسم وهو مذهب أشهب وعبد الملك. فأشار بعض الأشياخ إلى معنى المخالف (٣) من أصبغ لابن القاسم أن مقتضى أصل ابن القاسم أن تجري المسألة على حكم التداعي فيما يحوزه


(١) هكذا في النسختين، والصواب: قُبِل.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أو.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: المخالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>