للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجلان، كثوب حائز به، قال أحدهما هو لي كله، وقال الآخر: بل نصفه. فإن مذهب ابن القاسم أن المدعي في النصف قد سلم النصف الآخر لمدعي الكل، وبقي النصف، فمدعي الكل يدعي جميعه، ومدعي النصف يدعيه ولا يدعي أكثر منه، فوجب أن يقسم بينهما جميعًا، فيكون ثلاثة أرباع الثوب لمدعي الكل، وربعه لمدعي النصف. فكذلك من يزعم ها هنا أن الدفع وقع مبهمًا، فإنه يسلّم أن الحكم يقتضي كون المال يقسم نصفين بين الحقين، فقد سلم أحدَ النصفين لمدعي البيان، والنصفُ الآخر يشتركان في الدعوى فيه، فمدعي البيان يدعيه ويقول: شرطت حين الدفع أنه أحد الحقين وسميتُه، والذي زعم أنه وقع مئهمًا إنما استحقه بمقتضى حكم الإبهام، فيقسم بينهما نصفين.

وهذا التخريج مما يتأمل, لأن (يدعي الكل ومدعي النصف تصريح) (١) كل واحد منهما قد صرح بدعواه، وهاهنا مدعي الإبهام لم يصرح بأنه لا يستحق إلا النصف، وأن الاسم (٢) الآخر مسلم لمدعي البيان، وإنما الأحكام على قوله أوجبت قسمة المقبوض نصفين، فهو غير مسلم إلى مدعي البيان أنه يستحق النصف قطعًا بل الأمر عنده محتمل، ولأجل احتماله أوجبت الأحكام القسمة فلا يكون مصرحًا بتسليم النصف لمدعي البيان فهذا مِمّا ينبغي أن يتأمل.

وأما قول ابن المواز إنه مذهب أشهب وعبد الملك فهذا أشد إشكالًا مَن الأول، فإن كان مدعي الإبهام هو القابض فمقتضى ما حكيناه عنهما أن القول قول القابض فيصح ما قال ابن المواز, لأن أشهب وعبد الملك يزعمان أن القول قول القابض. وأما إن كان مدعي الإبهام هو الدافع ومدعي البيان هو القابض فمقتضى ما حكيناه عنهما أن القول قول القابض، ولا يتصور ها هنا، على أصلهما، قسمة المال، كما أشار إليه أصبغ. وقد ذكرنا في صدر هذه المسألة فائدة اختلافهما في هذا، وهو اختلاف الأغراض في طلب الدين الذي هو قرض


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لأن مدعي الكل ومدعي النصف مصرح.
(٢) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>