للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا عين بعد ذلك من دفع إليه، ولم يتفقا على إبرائه، طلباه بمقتضى قوله الأول، وكان الحكم ما ذكرناه.

ويتخرج على أصل المذهب قول آخر أنه يقبل قوله في التعيين كان ذلك منه متأصلًا (١) بكلامه الأول، أو منفصلًا عنه, لأن اللفظ المحتمل يُقبل تفسير قائله له، فسره متصلًا أو منفصلًا.

وهذا هو التحقيق على مقتضى الأصول، إلا أن يكون أحد محتمَليْ الكلام أظهر من الآخر فينظر في قبوله (٢) تفسيره إذا لم يكن متصلًا.

ومما يلحق بهذا اختلاف من له الحق مع الحميل في الجنس الذي تحمل به، مثل أن يقول الحميل: تحملت لك بألف درهم، ويقول المتحمَّل له: بل تحملت لي بخمس مائة دينار. ويكون الفتحمل عنه صدّق مَن له الحق، فإنه ها هنا يكلف الحميل إخراج الألف درهم من ذمته التي أقر بها للطالب، ويشتري بها ما يدعيه الطالب. فإن وفت بخمس مائة دينار سقط حق الطالب، وبرِىء الحميل، وتبقى المطالبة بين الحميل وبين من تحمل عنه. فإذا غَرِم المتحمل عنه ما أقرّ به من الخمس مائة دينار، التي ادعاها الطالب عليه، بيعت أيضًا واشتري بها الألف درهم التي غرمها الحميل عنه. فإن وفّتْ برىء كل واحد من طالب ومطلوب وحميل، وإن زادت لم يستحق الحميل هذه الزيادة لأنها أكثر مما أداه عن المتحمل عنه، وترجع للغريم. وإن انقضت (٣) عن الألف درهم التي أداها الحميل حلف المتحمل عنه أنك لم تتحمل عني بالألف درهم التي أديت عني، بل بما أقررتُ به وبرىء من النقص. وإن نكل حلف الحميل واستحق وطالب بهذا النقص من أداه عنه.

ولو اختلف الثلاثة فقال الحميل: تحملت بألف درهم، وقال الطالب: بل


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: متّصلًا.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: قبول.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: نقصت.

<<  <  ج: ص:  >  >>