الموسر. وأمّا إن كان الغريم حين التأخير موسرًا، فهل يكون تأخيره إسقاطًا لحمالة الحميل أم لا؟ في هذا قولان: فذهب اين القاسم في المدونة أن ذلك لا يكون إسقاطًا لحمالة الحميل. وقال غيره: بل هو إسقاط لحمالة الحميل ..
واعلم أن هذا الاختلاف إنما هو راجع إلى اختلاف في شهادة العوائد وما تقتضيه. فلو نص من له الدين حين تأخير الغريم على أنه أسقط الحمالة عن الحميل لم يكن له رجوع عن ذلك.
ولو نصر على أنه بتأخير الغريم غيرُ مسقط لحمالة الحميل لم تسقط الحمالة مع اشتراطه ما اشترط.
فإذا لم ينص عن هذا ولا عن هذا، وإنما أخر الغريم تأخيرًا مجردًا، فذلك عند ابن القاسم أمر محتمل للقسمين جميعًا، فلا يسقط حقه في الحمالة مع الشك. ورأى الغير أن ذلك في العادة إنما يكون مع إسقاط الحمالة لكونه قَدَر على أخذ دينه من الغريم فأخذه (١)، وقد علم أن ذلك مما يضر بالحميل، لجواز أن يُفلَّس الغريم قبل حلول الأجل الثاني فيطلب الحميل بالغرامة، وقد كانت ساقطة عنه على أحد القولين، أَوْلَه بها مرجع فدل ذلك على أنه قصد بتأخير الغريم رفع هذا الغرر عن الغريم.
ومن أشياخي مَن تأول هذا الخلاف على أن الغريم لم تتغير حالته، بلَ كان موسرًا يوم تأخيره، وموسرًا عند الأجل الثاني عند استحقاق الطلب.
وأما لو كان موسرًا عند التأخير ثم أفلس، فإنه يبعد الخلاف في ذلك، لأنه كمُتلفٍ مالَه بنفسه فلا مطالبة له عن الحميل.
وعلى الطريقة الأولى التي عللت بها وهي طريقة بعض أشياخي أيضًا لا يفتقر إلى هذا التأويل الذي ذكرته عن بعضهم. وَهذا إذا لم يعلم الحميل بالتأجيل فرضيه.