وأمّا لو علم به فأنكره لكان من حقه ذلك ويقال للمتحمَّل له: إما أن تُسقط الحمالة فيصح لك التأخير. وإمّا أن تتمسك بها فلا يُمكن من التأخير لحق الحميل ونفي الضرر عنه بالتأخير ولو لم يعلم الحميل بالتأخير حتى حل الأجل الثاني لم تسقط الحمالة عنه، ولكنه يحلف عند ابن القاسم: أنه ما كان ذلك منه رضي بإسقاط الحمالة، إذا أنكر ذلك الحميل بعذر التأخير. وأوجب اليمين عليه أشهب: أنه لم يقصد بتأخير الغريم إسقاط الحمالة. وهذه يمين تهمة فإذا قويت التهمة قوي الاستحلاف، وإذا ضعفت ضعف الاستحلاف. وأمّا إن أخر الحميلَ فليس ذلك بتأخير للغريم, لأنه لو أسقط عنه الحمالة بالكلية لبم يسقط الدين على الغريم.
فكذلك إذا أخر عن الكفيل الطلب لم يكن ذلك تأخيرًا للغريم لأنه يتصور ها هنا إلى الرفق بالحميل والإحسان إليه بالتأخير لما أحسن هو بتحمل ما لا يلزمه، لكنه يحلف أيضًا: لم يرد بتأخير الكفيل تأخير الغريم. فإن نكل عن هذه اليمين لزمه تأخير الغريم أيضًا، بناء على الأصل في أيمان التهم: أن النكول عنها يوجب غرامة ما نكل عنه. وقد وقع لمالك ما يشبه ما نحن فيه: في رجل عليه دينان لرجل، أحد الدينين بحميل والآخر بغير حميل، فمات الذي عليه الدين، وترك مَا لَا يفي بالدينين، فإن الذي ترك يقسم بين الدينين، ويُطلب الحميل بما بقي عليه من الدين الذي تحمل به بعد ما أُخِذ من التركة ما أسقط عنه بعضَ ما تحمل به. فسأل بعضُ الورثة من له الدين أن (يحال إلى)(١) الميت مما بقي عليه من الدين، ففعل، فإن ذلك ليس بإسقاط عن الحميل ما بقي من الحمالة، بعد أن يحلف أنه لم يرد بما فعل إسقاط الحمالة. وهكذا حكى ابن المواز أيضًا عن أشهب عن مالك في ورثة سألوا من له الدين أن يحالل الممت بما عليه، أن ذلك لا يكون إسقاطًا للحمالة عن الحميل بهذا الدين، إذا حلف من له الدين أنه لم يرد إسقاط الحمالة، قال ابن المواز في هذا. وفي موضع آخر قال: في هذا