للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا تحمل رجل لرجلين بدينين لا شركة بينهما فيه، فقضى أحدَهما، فلا مدخل للغريم الآخر معه، إذا كان الغريم مليئًا بجميع الدينين (١).

وإن قضى أحد الغرماء وقد أحاط الدين نجماله، فقد قدمنا اختلاف قول مالك.

وتأول بعض الأشياخ أن هذا الاختلاف إذا قضى جزءًا من ماله، ويبقى (٢) في يده جزء، بخلاف أن يقضي جميع ما في يديه لغريم، ويبقى فقيرًا.

وأما إن كان الدين مشتركًا بين رجلين فاقتضى أحدهما دون الآخر، فهل لصاحبه أن يشاركه فيما اقتضى؟ تقدم بيان ذلك مبسوطًا في كتاب البيوع، وأن المشهور من المذهب مشاركة من لم يقبض لمن اقتضى، على تفصيلَ في صفة المشاركة، تقدم أيضًا بيانه، وأن هذا إذا كان اقتضى أحد الشريكين دون استئذان صاحبه وإعلامه. وأما إذا رفع أمره إلى السلطان فأمَرَ شريكه بالاقتضاء معه،

فلم يفعل، فإنه لا يشاركه، ويصير ذلك كحكم القاضي بينهما بالقسمة لهذا الدين، وتمييز أحدهما من الآخر.

وذكر في المدونة أن الإشهاد على شريكه بأنه امتنع من الاقتضاء معه ينوب مناب الرفع إلى القاضي. وتعقبه بعض الأشياخ وأشار إلى أنه يمكن أن يكون المراد: الرفع إلى القاضي يتعذر، فقام الإشهاد مقامه للضرورة إلى ذلك. وهذا كله قد مضى مبسوطًا. لكن ذكر في المدونة في هذا الكتاب أن الحميل إذا تحمل بدينٍ مشترك بين رجلين، فأتى أحدهما فدفع إليه الحميل ما ينوبه من الدين، والحميل موسر، في يديه ما يقضي منه الشريك الآخر الذي لم يقبض لغيبته، فإن القضاء صحيح جائز. وإنما يبقى النظر في مشاركة الغائب إذا قدم من اقتضاء (٣) وهذا الخلاف الذي أشار إليه إذا لم يرفع المقتضي أمره إلى القاضي، فإن رفع الأمر إليه، والحميل موسر بجميع دين الشريكين، فإن


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الدين.
(٢) هكذا في النسختين، ولعك الصواب: وبقي.
(٣) هكذا، وفي مد: اقتضاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>