للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاضي يقضي لهذا الدافع إليه بجميع حقه، ولا يتعرض لحق الغائب بل يبقيه في الذمة على حسب ما كان.

وأمّا إذا لم يكن في يد الحميل إلا نصف الدين الذي عليه فإن القاضي إذا قضى لهذا الحاضر بحقه عليه كان قضاؤه باطلًا، والدفع إلى أحد الغريمين فاسد. فلم يختلف المذهب ها هنا بأن الشريك القديم يشارك الشريك الحاضر فيما اقتضى. فإذا كان جميع الدين مائة دينار، وهي بين الحاضر المقتضي والغائب نصفان، فرفع الأمر إلى القاضي، فلم يجد في يد الغريم سوى خمسين دينارًا، فقضى بجميعها للشريك الحاضر لأنها منتهى جميع دينه، فإن الشريك الغائب إذًا قدم يقاسم المقتضي للخمسين , التي أخذ، نصفين، لكون قضية القاضي له بجميع الخمسين خطأً وغلطًا يجب أن يُنقض الحكم فيه. ولو وقع الغلط في مقدار ما ينوب في المحاصة، مثل أن يكون الدين مائهّ (١) دينار، وهي بين الشريكين نصفين، ولم يوجد في يد الحميل سوى خمسين دينارًا، فقضى له القاضي بجميعها، فإن الغلط ها هنا إنما وقع في أن زاده عشرة دنانير على ما ينويه في المحاصة، فإن من الأشياخ من ذهب إلى أنه يمضي له القاضي بأربعين دينارًا، وهي التي تنوبه في المحاصة ولم يقع فيها غلط في الحكم فلا مشاركة فيها وإنما الغلط في زيادة عشرة دنانير وهي التي ترد إلى الشريك الغائب.

ومنهم من ذهب إلى أن المشاركة تقع في جميع الخمسين دينارًا وكأن الغلط لما وقع في (٢) سرى ذلك إلى كلها لأنها قضية واحدة , فإذا ظهر الغلط فيها وجب نقض الحكم غير ملتفَتٍ فيه إلى ما كان منه صوابًا, لأن الصواب لم يقصد إليه، فكأنه لم يقع الحكم به.

واحتج هؤلاء بما قيل في القاسم إذا غلط أن حكمة ينقض.

وتأول الآخرون هذه الرواية على أن المراد غلطُه فيما تختلف فيه


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: ثمانين دينارًا.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: وقع في [بعضها] سَرَى ...

<<  <  ج: ص:  >  >>