للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنهما وجْهُه توخّي العدل بين الرجلين, فقد قال عليه السلام: "كل ذي مال أحق بماله" (١). وهذا يقتضي كون المستحق لا يمنع من أخذ عين ماله، والمشتري له حق أيضًا في الثمن الذي دفع، ولولا دفعه ما صارت السلعة إليه من يد السارق الذي باعها منه، فكأن مستحقها لم يمكْن أخذهُ إلا بعد ما (٢) دفعه مشتريها فصار ذلك كمن فَدَى من يد اللصوص شيئًا بمال دفعه إليهم، فإن في أحد القولين، أن صاحبه لا يمكّن من أخذه من يد فَادِيه إلا بوَزْن ما دفع فاديه فيه. ولم يُذكر هذا تخريجا للخلاف عندنا في هذه المسألة من الخلاف المذكور عندنا فمن (٣) فدى من يد اللصوص شيئًا هل يمنع مالكه من أخذه إلا بعد أن يدفع الفداء, لأن الفادىِ من أيدي اللصوص (يدُل فيه مال يدُلّ) (٤) لمنفعة غيره على أنه يتملكه، فكأنه جرى مجرى من وإن على المسلم ماله لئلا يتلف عليه، والمشتري من السارقال في يظنه هو المالك (٥) ولى يقصد بما دفع من الثمن صيانةً على ربه, لأنه لم يعلم به، وإنما قصد بذلك تملك السلعة التي باعها منه، فصار كمن غلط على مال نفسه، فدفعه لغير مستحقه. والفادي لم يأخذ مال نفسه، غلطا منه، لتحصيل منفعه نفسه.

وإنما ذكرنا هذا لما بين المسألتين من الملاحظة على الجملة، ألا ترى أن القاضي إذا شهد عنده عدلان بأن رجلًا مات، فباع تركته، ثم أتى حيّا أنه لا يمكن من أخذ السلع، التي اشترى مشتريها، إلا بعد أن يدفع ثمنها لمن بيعت منه, لأن المشترى لهذه السلع إنما يذل فيها الثمن لمنفعه نفسه، وليملكها على التأبيد، لكن ها هنا أيضًا يحكم القاضي بصحة تمليك المشتري لها عوضا مما دفع من الثمن، وهو حكم صحيح في الظاهر، وإن كان باطلا في الباطن.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بِمَا.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فيِ مَنْ.
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بذل فمِه ما بذل.
(٥) هكذا في النسختين، ولعل الصواب حذف (و).

<<  <  ج: ص:  >  >>