للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سلك هذه الطريقة تأوّل ما وقع لابن القاسم في المدونة في الوارث إذا أكرى وحابى فقَدِم أخوه، فإنه إنما قال ابن القاسم: يرجع على أخيه بالمحاباة, لأنه لم يُرد فيما وهب عوضا، فتصورت منه، بما ذكرناه، التهمة.

فعلى هذه الطريقة ترتفع في هبة المشتري, ويكون الحكم فيها ألاّ يغرِم المشتري ما وهب.

ومن الأشياخ من حاول أن يرفع الخلاف في المشتري من طريقة اخرى، فيحْمل قوله في المدوتة: إن الأخ القادم يرجع على أخيه بالمحاباة، على أن الأخ الذي اكترى علم أن للميت أخا آخر، وهو إذا كان عالماً صار غاصبا، والغاصب يغرم، وإنما اختلف في البداية (١) أو بالموهوب له، كما قدمناه، ويرى أن قوله في المدونة: يرجع على أخيه بالكراء، علم أو لم يعلم، ثم قال: فإن حايى في الكراء رجع على أخيه. فإنما هذا الكلام مستأنف معناه إذا كان الأخ عالماً.

وكان شيخي أبو محمَّد عبد الحميد، رحمه الله يرى أن في هذا الكلام احتمالا، كما أشار إليه الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد، ولكن الظاهر عند شيخنا أن هذا الكلام، وهو قوله "وإن حابى" معطوف على ما تقدم. وقد تقدم قوله:

سواء علم الأخ أو لم يعلم.

ويعتضد من تأول عن ابن القاسم أن مراده بإطلاق القول في الرجوع على أخيه إذا حابى كونُ الأخ عالماً، فإنه قال في المدونة: إذا اشترى دارا فأكراها فهدمها المكتري فترك (٢) له مشتريها الذي أكراها قيمة الهدم، فإن مستحقها إذا قدم لا يرجع على الواهب، ويرجع على المكتري بما وهبه من قيمة الهدم.

فأسقط هاهنا الرجوع بالهبة لما كان الواهب وهب بوجه شبهة.

وهذا الاستدلال ممن استدل به غير صحيح, لأن المشتري لم يسلّط


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب إضاقة: بِهِ.
(٢) في (مد): ردّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>