للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقالُه فيها وفي الرهن، مع تعدى الراهن في بيعه وظلمه في ذلك، فأحرى أن يَسقُط حقه في استحقاق الرهن والراهن لم يتعد في الاستحقاق.

وهذا الذي خرّجه يمنع من صحته ما علَّلَه بعض الأئمة من أصحابنا. فابن القصار وغيره أشاروا إلى أن العلة في إمضاء بيع الراهن لرهنه تفريط المرتهن في قبضه، وتوانيه في طلبه، مع علمه أنه باق على ملك الراهن، وتحت يده، والمالك يتصرف في ملكه متى شاء، فصار المرتهن كالآذن له في بيع الرهن. ولو لم يكن من المرتهن توانٍ ولا تفريط في قبض الرهن. لكان له مقال في ردّ البيع.

وهذا التعليل يمنع من هذا التخريج الذي حكيناه عن بعض الأشياخ, لأن الاستحقاق لم يكن من المرتهن فيه تفريط ولا توان، وإنما طرأ عليه ما لم يحتسب ولا يظت أن السلعة المرهونة تُستَحَق عليه.

وإن كان هذا الرهن المشترط بعينه إنما يستحق (١) بعد القبض فلا مقال للمرتهن في خلَفه، ولا في فسخ بيع السلعة التي اشترط أخذ هذا الرهن المستحق رهنًا بثمنها.

هذا إذا لم يكن الراهن عن (٢) المرتهن في هذا الرهن، ورهنه إياه وهو يعلم أنه لم يُستحق من يده. وأما إن دلّس وغرّه بهذا الرهن، فرهنه وهو يعلم أنه سرقه وكتم ذلك عن المرتهن، فإن للمرتهن مقالًا. وسواء، إذا ثبت الغرور، كان الاستحقاق قبل قبض الرهن أو بعد قبضه، فابن القاسم مضى على أصله في أن الراهن الغار لا يجبر على الخلَف. وكذا ظاهر قوله: إن المرتهن لا يجبر على قبول رهنٍ آخر، وإنما يكون له الحكم في فسخ بيع سلعته التي باع إن كانت قائمة، وأخِذ قيمتها إن كانت فائتة، أو إمضاء بيعه فيها من غير رهن.

وأما عبد الملك فرأى أن الراهن ها هنا يجبر على أن يأتي برهن آخر،


(١) هكذا, ولعل الصواب: استُحِقَّ.
(٢) هكذا, ولعل الصواب: غَرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>