ونائمة قبلتها فتنبهت ... فقالت تعالوا فاطلبوا اللص بالحد
فقلت لها إني -فديتك- غاصب ... وما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وحطي عن أثيم ظلامة ... وإن أنت لم ترضى فألف على العد
فقالت قصاص يشهد العقل أنه ... على المذنب الجاني ألذ من الشهد
وقالت ألم أخبر بأنك زاهد ... فقلت بلى ما زلت أزهد في الزهد
فباتت يميني وهي هيمان خصرها ... وباتت يساري وهي واسطة العقد
ويعبر القاضي عن علو همته بشعر يذكرنا أبا الطبيب المتنبي إذ يقول:
ومحجوبة في الخدر عن كل ناظر ... ولو برزت في الليل ما ضل من يسري
أقول لها والعيس تحدج للنوى ... أعدي لفقدي ما استطعت من الصبر
سأنفق ريعان الشبيبة آنفًا ... على طلب العلياء أو طلب الأجر
أليس من الخسران أن لياليا ... تمر بلا نفع وتحسب من عمري
وإنا لفي الدنيا كراكب لجة ... نظن قعودًا والزمان بنا يجري
كما يجرد من نفسه من يخاطبه بالحزم والحذر فيقول:
لا تترك الحزم في شيء تحاذره ... فإن سلمت فما في الحزم من بأس
العجز ذل وما بالحزم من ضرر ... وأحزم الحزم سوء الظن بالناس
هذا بعض ما وثقه ابن بسام من شعر القاضي عبد الوهاب كما حفظ لنا رسالته التي ذكر أنه بعث بها إلى المستنصر بالله صاحب مصر. هكذا المستنصر بالله صاحب مصر. والمستنصر ولي أمر مصر بعد أبيه أبي الحسن علي بن الحاكم بأمر الله. سنة سبع وعشرين وأربعمائة. أي بعد وفاة القاضي بخمس سنين فيكون ذكر اسم المستنصر خطأ قطعًا. وتكون الرسالة قد كتبت إما لأبي الحسن علي بن الحاكم الذي ولي الأمر بعد مقتل أبيه سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وإما للحاكم. والراجح أنها =إذا صح أن القاضي عبد الوهاب بعث بها= أنه أرسلها لأبي الحسن علي الملقب بالظاهر لإعزاز دين الله. وذلك أولًا لأن الحاكم كان جبارًا عنيفًا ظالمًا. فلا يتصور منه أن يجيب القاضي بالطريقة التي جاءت في الرد. وثانيًا لأن خروجه إلى مصر كان في آخر حياته، وكانت