للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطابك المعظم. يُفصح البكم. وُينْزل العُصْم. هبّت عليه رياح البلاغة فنمقته، ووكَفَت عليه سحائب البراعة فرققته. فيا له من خط بهيّ. ولفظ شهيّ. تذكر فيه حسن ظنونك بنا. وتثبت مآثرنا. فلما أن عرّست بإزائها ورد من فسخ عليك.

فخذْ بظاهر ما كان عندك وَرِد، ودع لربك علم ذات الصدور. والسلام (١).

ما جاء في قصيد أبي العلاء المعري:

وفي طريقه إلى مصر يمر على معرة النعمان. ويلتقي فيها بأبي العلاء المعري الذي صحبه ببغداد. فيأنس به في محبسه ويسجل أبو العلاء هذا اللقاء في القصيد الذي بلغ خمسة عشر بيتا وبعث به إلى القاضي التنوخي يذكره فيه بالأيام التي جمعتهما ببغداد ويذكر له فيها حاله في معرة النعمان. ويتعرض إلى أن صديقهما القاضي عبد الوهاب زاره. ويثني عليه. يفتتح قصيده باعتزازه باتحاده مع القاضي التنوخي في الانتساب إلى قبيلة تنوخ فيقول:

لو مساعيك لم نعدد مساعينا ... ولم نُسام بأحكام العلى مضرا

ثم يتعرض لزيارة القاضي عبد الوهاب فيقول (٢):

والمالكي بن نصر زار في سفر ... بلادنا فحمدنا الظعن والسفرا

إذا تفقه أحيا مالكا جدلا ... وينشر الملك الضليل إن شعرا

فظل يثني عليك الخير مجتهدا ... ولم تغلب عن ذرى مسجد إذا حضرا

فأبو العلاء يثني على القاضي ثناء يعبر عن إعجاب.

أولًا: ينوه بقيمته الفقهية. والصورة التي ارتسمت في ذهنه هي قوة عارضة القاضي عبد الوهاب ونصاعة حجته وقوة جدله. فعبر عن هذا بأنه يحيي إن هو تكلم في الفقه الإِمام مالكًا. وهذه الصورة صادقة في ناحية غير صحيحة في ناحية أخرى. فهي صادقة في أن قدرة القاضي عبد الوهاب في الجدل بلغت قمة عالية. وهي غير صحيحة لأن مالكًا ما عرف بالجدل. وعذر المعري أنه ما


(١) الذخيرة، ص٥٢٠ - ٥٢١.
(٢) سقط الزندج ٢ ص ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>