جئتك عند زوال المطر، ووجدت الحركة عند عدم السكون. وهذه حقيقة الوقت أصليًا وعرفيًا. وعلى هذا جرى الأمر في قولنا: وقت صلاة الظهر الزوال. والصبح طلوع الفجر. لأن الزوال متجدد معلوم وفعل الصلاة مفتقر إلى زمن، ولكن الزمن في حكم المستبهم، فأزيل الاستبهام بمقارنة الوجوب للزوال.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أما الأداء فعبارة عن وقوع الفعل مطابقًا للأمر ممتثلًا فيه أمر الآمر. فوقت الأداء هو الذي يكون الفعل فيه امتثالًا للآمر. والقضاء عبارة عن إيقاع الفعل بعد تصرم الوقت الذي يكون بالفعل فيه ممتثلًا، كمصلي الصبح ما بين الفجر وطلوع الشمس. فلما كان الأمر ورد بصلاتها حينئذ كان فعلها إذ ذاك امتثالًا. وكان فعلها بعد طلوع الشمس قضاء.
والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: اختلف الناس في العبادة المؤقتة بوقت يمكن إيقاعها في بعضه، بماذا يتعلق الوجوب من الوقت؟ فمذهب الشافعية بأوله. ومذهب الحنفية بآخره. وقال الكرخي بفعل الصلاة، أو بآخره. وعند جمهور المالكية بجميعه. وقيل بل يتعلق بزمن واحد يسع فعل العبادة، ولكنه غير معين. وإنما يتعين إذا أوقع الملكف العبادة فيه. وقد قال أبو الوليد الباجي إن هذا المذهب هو البخاري على أصول المالكية؛ لأنهم يقولون إن الأمر إذا ورد بالتخيير بين أشياء فالواجب منها واحد غير معين وإنما يذهب إلى وجوب جميعها من أصحابنا ابن خويز منداد. هذه جملة المذاهب في ذلك.
فإذا قيل بماذا يتعلق الوجوب في وقت صلاة الصبح مثلًا أجريناه على هذه المذاهب، فيكون الوجوب تعلق عند الشافعية بطلوع الفجر. وعند الحنفية بمقدار ما يسع الصلاة قبل طلوع الشمس وعند المالكية بما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وعلى ما خرجه أبو الوليد بقدر ما يسع الصلاة مما بين هذين الوقتين، ولكنه غير معين.
فأما الشافعية فالرد عليهم يهون وذلك إنا نقول من أخر الصلاة عن طلوع الفجر قليلأهل يكون آثمًا؟ فلا بد من القول إنه لا إثم عليه. فإذا صح أنه لا إثم