عليه، قيل لهم هل هو ممتثل مؤد للعبادة على حسب ما اقتضاه الأمر أم لا؟ فلا بد من القول إنه ممتثل مؤد للعبادة على حسب الأمر. فإذا كان مطيعًا لا آثمًا ومؤديًا لا قاضيًا وممتثلًا لا مخالفُ ا. فما معنى إنكار الوجوب في هذه الحال؟ وأي فرق بين هذا الوقت المفروض وبين أول الوقت وكلاهما ممتثل مؤد؟ وإثبات فضيلة لأول الوقت على وسطه لا توجب مخالفة بين أول الوقت ووسطه في الوجوب لما بيناه من اجتماعهما في الامتثال ومطابقة الأمر.
وأما الحنفيون فالرد عليهم لا يهون وذلك أنهم يقولون: حقيقة الواجب ما لا يجوز تركه أو يقولون حقيقة الواجب ما يتعين فعله فإذا كان هذا هكذا وأجمع على أنه يجوز ترك الصلاة لآخر الوقت. وأن فعلها لا يتعين في أوله ولا في وسطه انحصر الوجوب في آخره. لأن التأخير عن آخره لا يجوز. وفعلها حينئذ يتعين. فإذا كانت حقيقة الوجوب إنما ثبتت في آخر الوقت خاصة اختص بالوجوب وانتفى عن أوله كما قالت الشافعية وعن جميعه كما قالت المالكية، واعلم أن هذا الذي قالوه صعب موقعه. ولما رأى القاضيان أبو بكر ابن الطيب وأبو محمَّد عبد الوهاب توجه هذا الذي قالوه لم يجدا عنه مخلصًا مع علو قدرهما في هذا العلم إلا بأن أثبتا العزم بدلًا عن تقدمة الصلاة. ورأيا أن إباحة الترك في أول الوقت لم تكن مطلقًا وإنما كان إلى بدل وهو العزم على أدائها قبل تقضي الوقت. وجواز ترك الواجب إلى بدل لا يخرج الفعل عن كونه واجبًا. كما أن ترك المكفر بالإطعام لا يخرج العتق عن كونه واجبًا. وممن أثبت العزم وتابع القاضيين على إثباته، من (١) أنكر تسميته بدلًا، لكون الإنسان مأمورًا بالعزم على الصلاة إذا خطرت بباله ولم يدخل وقتها. والصلاة إذا لم يدخل وقتها لم تجب، وإذا لم تجب لم يكن العزم بدلًا عما لا يجب. وقد اشتد نكير أبي المعالي لإثبات العزم ورأى أنه لم يقم على إثباته دليل وادعى أنه ليس في الأمة من يؤثم من أضرب عن إخطار العزم بباله. وإن الصلاة قد علم من الشرع تعين وجوبها. وإثبات العزم مخيرًا بينه وبين الصلاة يخرج الصلاة عن تعين الوجوب. وأشار إلى أنه إن قيل بتأثيم من مات في وسط الوقت ولم يصل