للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب المغفرة، والصلاة من أعظم ما يوجبها. فاقتضى عموم الآية أن المسارعة والمبادرة بها (١) مأمور بها. وقد قال عمرو: "أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها" (٢). وقد ذكرنا عن أبي المعالي أنه حكى عن بعض أصحابه أنه يؤثم من مات في وسط الوقت ولم يصل. وهذا المذهب لو صح لكان تقدمة أول الوقت معقولٌ معناه لأن المؤخر على غرر وركوب خطر في لحوق التأثيم به. ومع هذا فإن هذا يفتقر إلى تفصيل فإن الصلوات قد تختلف في ذلك. ويختلف حال الفذ وحال الجماعة. ورأينا تأخير الكلام على تفصيل ذلك إلى الفصل الذي يلي هذا. فإن القاضي أبا محمَّد تعرض فيه بشيء من تفصيل ذلك.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: أما تشككه في ذلك فإنه إنما أشار به إلى ما سنتكلم عليه إن شاء الله من تأخير الصلاة عن وقت الاختيار.

هل يلحق به الإثم أم لا؟ كمن أخر العصر إلى الاصفرار والمغرب إلى أن غاب الشفق. فالمسافر إذا أخر الصلاة عن الوقت المختار لأجل العذر بالسفر فإنه لو أخرها إلى ذلك الوقت مختارًا من غير عذر لكان منهيًا عن ذلك.

والنظر في هذا النهي هل هو على الحظر أو الكراهية؟ يرد بيانه فيما بعد إن شاء الله.

والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: أَمَّا مراده بقوله لوجود العذر في السفر؛ لأن السفر الذي هو عذر أباح التأخير في المغرب على ما قال موجود حين تأخير الصلاة. وأما قوله لتوقعه، فكجمع المسافر في المنهل لتوقعه أن يجد به السير على ما قال. والمريض أيضًا يباح له الجمع لتوقعه أن يغلب على عقله. وأما قوله مع صحة أدائه في الوقت المختار وإمكانه، فإن مراده به أن المسافر وإن أبيح له التأخير لعذر فإنه لو تجشم المشقة وأوقع كل صلاة في


(١) بها ساقطة -ح-.
(٢) أفضل الصلاة في أول وقتها. رواه أبو داود والترمذي. والحاكم عن أم فروة رضي الله عنها. قال السيوطي في الجامع الصغير صحيح. وذكر في الفيض القدير أن الصدر المناوي وغيره قالوا في سنده عبد الله بن العمري وهو غير قوي. وقد تكلم فيه يبيح من جهة حفظه. وقال ابن حجر في إسناده اضطراب. فيض القدير ج ٢ ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>