للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت مثله (١) لأن الأوقات يعبر بها عن حركات الفلك غالبًا. وذلك لا يدخل تحت التكليف ولا يوسف بوجوب ولا ندب. وإنما يوسف بأنه محل للأفعال ومتعلق للأحكام. والإطعام والإعتاق يدخلان تحت التكليف وهما نفس ما خوطب به المكلف. فإن كان ترك أحدهما لا يأثم فيه إجماعًا فلا يوصفان جميعًا بالوجوب. وأمّا الزمن فإن معنى قول أصحابنا إن جميعه متعلق به الوجوب أي محل للفعل المخاطب به. فأي وقت صلى فيه المكلف فإنه محل الوجوب ومتعلق الخطاب ولا تسقط عنه هذه التسمية بإيقاع الصلاة في غيره (٢) لأنها وإن وقعت في غيره فإنه محل لها. ألا ترى أنهم يقولون الجوهر محل للحركة وإن كان في حين قولهم ساكنًا. فإن أنكر أبو الوليد تسمية ما لم تفعل فيه الصلاة محلا، قيل له هذه مناقشة في عبارة. ومراد القوم ما قلنا.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: اعلم أنا وإن قلنا بأن جميع أجزاء الوقت محل للوجوب ومتساوية في تعلق الخطاب بالإيجاب، فإنا (٣) لا ننكر دخول الندب في الواجبات. لأن الندب، وإن كان مناقضًا للواجب، فإنه إنما يتعلق بصفة أو حال يقع عليها الواجب، وذلك غير مناقض لأصل الوجوب. ألا ترى أن صلاة الظهر واجبة. ولما كان فعلها في الجماعة (٤) حالًا للصلاة أو صفة لها تعلق الندب بذلك. وكذلك جميع أجزاء الوقت محل الوجوب (٥). ولكن يتعلق الندب ببعضها بمعنى أن الأجر في هذا الواجب إذا فعل في أول الوقت أكثر من الأجر إذا فعل في آخره. فإذا وضح معنى الفضل ها هنا قلنا: الدليل على ما قاله القاضي أبو محمَّد من تفضيل أول الوقت على وسطه وتفضيل وسطه على آخره. قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (٦). والمراد فعل ما


(١) هكذا في جميع النسخ.
(٢) اعتمدنا من هنا النسخة -١ - مع النسختين -و-ق- ذلك أن النقص الناشئ عن الصورة المطموسة لثلاث وعشرين صفحة يتم عند أول الصفحة ٢٢٠.
(٣) فإنه لا ينكر -و-.
(٤) الجماعات في -و-.
(٥) للوجوب -و-.
(٦) سورة آل عمران، الآية: ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>