للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - ولم استحب في العصر للجماعة التأخير القليل؟

٩ - وما معنى قوله (١) تأخيره عن ذلك مكروه؟

والجواب عن السؤال الأول: أن يقال: أصل مذهب مالك أن أول الوقت أفضل، وإنما يستحب التأخير لمعنى يقتضيه. فاختلف الناس في الأفضل من وقت صلاة الظهر. فعند الشافعي أول الوقت على الإطلاق. وعند أبي حنيفة آخره. وعندنا إذا فاء الفيء ذراعًا. واعلم أنا قد قدمنا ما يدل على فضيلة أول الوقت، وأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها (٢). ولما رأى الشافعي ذلك استحب تعجيل الصلاة أول الوقت على الإطلاق لا سيما وفي الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر عند الزوال (٣). ولما رأى مالك رضي الله عنه ما جاء في الشرع من التحضيض على صلاة الجماعة. وكان أول وقت صلاة الظهر يمر على الناس وهم غير متهيئين للصلاة، أو قائلين إن كان الزمن صيفُ ا، استحسن التأخير عن أوله، ليحصل اجتماع الناس للصلاة. واعتمد أيضًا على قول عمر رضي الله عنه: صلوا الظهر والفيء ذراع (٤). ولما رأى ابن حبيب هذا التعليل قصر استحباب التأخير إلى الذراع على زمن الصيف لانقطاع الناس عن الاجتماع أول الوقت لكونهم قائلين. واستحسن في الشتاء أول الوقت لعدم العذر القاطع عن الاجتماع. وخصص قول عمر رضي الله عنه بزمن الصيف خلاف ما صنع مالك من حمله على التعميم في الشتاء والصيف. وتأول بعض أصحابنا ما في الصحيحين من صلاته صلى الله عليه وسلم الظهر عند الزوال على أن الناس اتفق اجتماعهم (٥) في تلك الصلاة التي صلاها بهم عند الزوال.


(١) قوله ساقطة -و-ق-.
(٢) فيض القدير ج ٢ ص ٢٥ والجامع الكبير. رقم الحديث ٣٦١١.
(٣) رواه البخاري باب وقت الظهر عند الزوال فتح الباري ج ٢ ص ١٦٠. ورواه مسلم في أحاديث الأوقات. إكمال الإكمال ج ٢ ص ٢٩٥ وما بعدها. وأخرجه البيهقي ج ١ ص ٤٣٦.
(٤) هو من كتاب عمر الذي بعث به إلى عماله. رواه مالك في الموطأ شرح الزرقاني ج ١ ص ٢١ - ٢٢.
(٥) جماعتهم -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>