للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: اختلف أصحابنا في الفذ فذهب بعضهم إلى أن المستحب له التعجيل أول الوقت لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها" (١). ولم يعرض في الفذ عارض ينقله إلى استحباب التأخير كما عرض في الجماعة. وذهب بعضهم إلى أن المستحب له التأخير إلى الذراع لعموم قول عمر رضي الله عنه: صلوا الظهر والفيء ذراع.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما تحديده بالذراع فإنما ذلك لكون الذراع ربع القامة. وقامة الإنسان مقدار ما بين يديه إذا بسطهما حتى يحاذيا منكبيه. فلما كان الإنسان قد يعدم شيئًا يقيس به الظل ولا يعدم نفسه فيقيس بها الظل، مثل به. وإلا فكل شيء أقيم لاعتبار الظل. فإن الظل إذا زاد قدر ربع طول القائم كان ذلك هو المختار في صلاة الظهر على حسب ما بيناه.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: أمّا الإبراد بالظهر فمأمور به لقوله عليه السلام: أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم (٢). وأيضًا فإن شدة الحر تقطع عن استيفاء حق الصلاة وتقتضي استعجال المصلي إلى طلب السكون والراحة. فاستحب ترك إيقاع الصلاة فيه. ألا ترى أن الشرع جاء بنهي الحاقن عن الصلاة لما كانت الحقنة تمنعه من استيفاء الصلاة. وهذا التعليل يوجب أن يستوي الفذ والجماعة *في الأمر بالإبراد لأن كون الحر قاطعًا عن استيفاء ما يجب للصلاة يستوي فيه الفذ والجماعة* (٣) فإذا ثبت أن الإبراد مأمور به. قال ابن حبيب: منتهاه إلى وسط الوقت وبعده بقليل. وقال بعض الأشياخ يؤخر إلى الذراع لأجل الجماعة وإلى نحو الذراعين لأجل الإبراد.

وقال محمَّد بن عبد الحكم يؤمر بالتأخير (٤). ولكن لا يخرج عن الوقت. فأشار إلى أن الإبراد ينتهي لآخر الوقت. والأصح عندي مراعاة حال يومه. فإذا فتر


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) رواه عن أبي هريرة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد والدارمي وغيرهم. الهداية ج ٢ ص ٢٦٧.
(٣) ما بين النجمين ساقطة من -و-.
(٤) بالتبريد -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>